سعود وأكذوبة الدولة الوطنية       الدولة العربية القطرية والسيطرة الغربية الاستعمارية

سعود……..وأكذوبة الدولة الوطنية                 الدولة العربية القطرية…..والسيطرة الغربية الاستعمارية

(العراق والأردن اختراعان بريطانيان، وحدود السعودية والكويت والعراق رسمها موظف بريطاني عام 1922م ورسمت فرنسا حدود سوريا ولبنان…….وطرح الروس الشيوعية وبريطانيا القومية والولاء للأسر الحاكمة عوضا عن الدين الذي هو أساس الحياة السياسية في الشرق الأوسط) “ولادة الشرق الأوسط” للمؤرخ ديفيد فرومكين.
إن أسوأ ما يقوم به دعاة الدولة الوطنية العربية القطرية هو قلبهم للحقائق التاريخية في طبيعة قيامها وتشكلها وبأنها امتداد وتطور طبيعي لمعاهدة وستفاليا 1648م الأوربية في محاولة لشرعنة الواقع السياسي العربي المعاصر (انظر مقال سعود القحطاني “الدولة الوطنية والشرعية الأيدولوجية” http://www.alriyadh.com/13827 )، فهذا الواقع لم تشكله وستفاليا كما يدعي القحطاني، وإنما شكلته الحملة البريطانية الفرنسية الصليبية وفق اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م وإتفاقية العقير عام 1922م بعد سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية، وسواء كانت الدولة العربية الوطنية امتداد لوستفاليا على رأي المستشار أو للحملة البريطانية الفرنسية، ففي كلا الحالين فقيامها إرتبط برعاية الدول الاستعمارية وهذه هي الحقيقة التاريخية التي غيبها المستشار في مقاله.

ففكرة الدولة الوطنية القطرية وبإعتراف القحطاني نفسه منبتها أوربي غربي، وظهرت في أوربا بتوافق البابا مع ملوك أوربا في محاولة للنهوض بالعالم الغربي وإخراجه من عصور القرون الوسطى الإقطاعية لمواجهة الخطر الإسلامي بعد فتح القسطنطينية عام 1453م، والذي بدأ يدق أبواب فيينا عاصمة الأمبراطورية الرومانية المقدسة آنذاك.

فهذه حقيقة الدولة الوطنية التي يدعو لها المستشار، والتي لا وجود لها في تاريخ الأمة والتي لم تعرف إلا الخلافة، حتى جاءت الحملة الصليبية البريطانية الفرنسية فشكلت العالم العربي بدوله وممالكه وحدوده بشكل نهائي بعد مؤتمر فرساي عام 1918م ومؤتمر القاهرة عام 1921 برئاسة تشرشل، وبعد هذه المؤتمرات وكما يقول المؤرخ ديفيد فرومكين في كتابه “ولادة الشرق الأوسط” فقد (أنشأت بريطانيا وفرنسا وروسيا دولا وعينت أشخاصا يحكمونها ورسمت حدودا فيما بينها لتتحكم بالمصير السياسي لشعوب الشرق الأوسط)، فهذه هي شرعية الدولة الوطنية القطرية لا كما يزعم القحطاني بأن شرعيتها قامت على القوة والإنجاز ورمزية الحكم.

ولم يكتف القحطاني داعية الوطنية والقطرية بقلب حقائق التاريخ وإنما ذهب إلى أن (الخلافة مسألة قد انتهت……وأن مفهوم الأمة لم يعد صالحا في وقتنا الحالي)، ليعلن أن التاريخ العربي إنتهى عند الدولة الوطنية القطرية وأنها هي (الحل ) أمام الشعوب العربية لا الأمة الواحدة والخلافة.

إن دعوة القحطاني للوطنية القطرية كإطار للدولة والسفير يوسف العتيبة الذي دعا من واشنطن (لحكومات علمانية في الشرق الأوسط) ليس بجديد على العالم العربي، فالدول الوطنية القطرية والعلمانية هي التي تحكمه منذ مائة عام برعاية وحماية دولية غربية استعمارية، وتجددها اليوم جاء في سياق الثورة المضادة على ثورة الربيع العربي، فالدعوة هذه ليست ذاتية بل هي ضمن خطط غرفة العمليات الدولية المشتركة لمواجهة ثورة الربيع العربي لإبقاء العالم العربي تحت السيطرة مقسما بالدول الوطنية القطرية الفاقدة للهوية والتاريخ ولمنعه من النهوض من جديد، وهو ما أكده المفكر بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي في كتابه “الشطرنج الكبير” بضرورة ( بقاء المنطقة العربية مقسمة مجزأة ضعيفة لكي لا تشكل خطرا على النفوذ الأمريكي في المنطقة والعالم).

إن تاريخ الأمة لن يتوقف عند الوطنية القطرية والعلمانية الملحدة، فهو مرتبط بالإسلام نفسه وبتاريخ الخلافة الإسلامية الممتد 1300عام، ومفهوم الأمة والخلافة كنظام حكم أوسع وأعمق مما يدركه القحطاني والسفير، فالأمة هي الشعوب نفسها والتي ثارت مستحضرة دينها وهويتها وتاريخها على الوطنية القطرية والعلمانية لتعيد مجدها ووحدتها، ولن ينتهي تاريخها بجرة قلم في المكتب البيضاوي في واشنطن أو بمؤامرة تحاك في مراكز القرار المشبوهة كما يتوهم المستشار والسفير.

فمع ثورة الربيع العربي انطلقت الأمة لتنال حريتها وتستقل بأوطانها والتي صادرها المستعمر الغربي باسم الدولة الوطنية القطرية والعلمانية، وستستمر معركة ثورة الربيع العربي حتى يتحقق ما أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) فهذا هو التاريخ الحقيقي الذي جاء به الوحي المنزل، ولن ينتهي التاريخ برأسمالية وإمبريالية فوكوياما ولا بوطنية القحطاني وعلمانية السفير.

13 ذوالقعدة 1438هـ 5 / 8 / 2017م

رأي واحد حول “سعود وأكذوبة الدولة الوطنية       الدولة العربية القطرية والسيطرة الغربية الاستعمارية

اضافة لك

  1. لا ينكر ديفيد فرومكين في ختامية الكتاب ذاته المشار إليه في مقال د. سيف الهاجري طبيعة المشهد الديني لما جرى إثر المعاهدات والاتفاقيات المتتالية (التي يطلق عليها مسمى تسوية 1922) فيقول النص التالي:
    “أُحيطَ القراء علما بعد الاطلاع على الكتاب، أن إنجلترا وفرنسا اختارتا تدمير الامبراطورية العثمانية، خلال انتصارهما في الحرب العالمية الأولى، بدلا من تثبيتها. أصبح الأوروبيون الغربيون بعد الحرب محتلين ومسؤولين عن حكم المنطقة، فحكم المسيحيون المسلمين. وهو وضع جعل الجانبين غير سعيدين بالمرّة، وألقى كلّ منهما اللائمة على الآخر.”
    وهو الأساس الذي بنى عليه د. حاكم المطيري كتابه (عبيد بلا أغلال)، حيث لم يختلف سياق الأحداث عن كونها حلقة جديدة من حلقات الحملات الصليبية، وإن اتسمت بخاصية جديدة ألا وهي الابتعاد عن النبرة الدينية (المسيحية) التي سادت عند الصليبيين القدماء، واستحالت إلى نبرة مختلفة أذت طابع العقلانية والتستر وراء المناداة بقيم الحرية والعدل والمساواة التي اكتشفها الصليبيون الجدد فجأة بُعيد حقبة عصر النهضة الأوروبية واختراع الطباعة والانقلاب الصناعي.
    لكن مقال سعود القحطاني يدندن بمسألة أخرى أكثر خطورة. فهو يشير مرارا إلى قضية “الشرعية” بمعناها التكويني للدول. وهومفهوم يطول شرحه، غير أن مفهوم شرعية الدول يستمد من شكلين:
    * الشرعية الروحية/المقدسة
    *الشرعية المدنية
    فورطة القحطاني تتلخص في أن الأنظمة التي نسأت إثر اتفاقية سايكس-بيكو-سازانوف أنها لا تمتلك شرعية الأولى ولا الثانية. إذ يشير الكاتب إلى ضرورة التخلص من الآيديولوجيا كعنصر رئيس في نشأة الدولة السعودية، أي التخلص من العامل الديني التي نشأت عليه حصرا، وهو الذي تأتى من خلال بروز الحركة الوهابية في القرن الثامن عشر. فالقحطاني يرغب من أعماقه برمي هذا الإرث الطويل جانبا الذي تبين أن آيديولوجيته “كانت في أحوال أخرى سبباً للضعف وتكالب الأعداء والتفتت والتفكك في نهاية المطاف” على حد زعمه.
    أما مفارقة القحطاني الجلية فهو مناداته بحصر الشرعية بما أسماها “شرعية واقعية حقيقية تمثلت بقوة السلطة الحاكمة…” ويسميها بموقع لآخر “شرعية الدولة القطرية،” التي تقوم “على أساس مصلحي بحت”. وهو بهذا كمن يحاول تطويع مصطلح غير موجود ومفهوم من أساسه مفقود. في حين أن التعريف المنضبط للشرعية المدنية وتذكره الموسوعة العالمية ويكيبديا نصا:
    The political legitimacy of a civil government derives from agreement among the autonomous constituent institutions—legislative, judicial, executive—combined for the national common good. One way civil society grants legitimacy to governments is through public elections.
    وترجمته:
    تستمد الحكومة المدنية الشرعية السياسية من انسجام المؤسسات المنتخبة: ألا وهي السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية، وائتلافها من أجل الصالح العام للشعب. والطريق الأوحد لحصول الحكومات على الشرعية إنما يتجسد بالانتخابات العامة.
    فكيف سيترجم القحطاني هذا المعيار الأساسي في تكوين الدولة في المفهوم الاعتباطي الذي ألقاه على الناس بمقاله ذاك. بل إن العلمانية التي يلوحون بتنفيذها (والقحطاني وأمثاله يعلمون أو لا يعلمون أن جميع الكيانات التي كونها اتفاق سايكس-بيكو وتسوياته اللاحقة ما هي إلا كيانات دنيوية بحتة وأحيانا تقترب من اللائيكية الفرنسية، وهي تمارس بشكل أو بآخر الكهنوتية البابوية القديمة عبر تحالف السلطة الدينية مع السلطة الحاكمة) تأخذ من هذا التعريف مصدرا رئيسا لجوهر الدولة الغربية الحديثة. فهل تطبق هذه الكيانات مبدأ السلطات المنتخبة حتى نقول إنها خطت الخطوة الأولى نحو الشرعية الحديثة التي لا مصدر لها إلا هذا التعريف.
    غير أننا نجزم أن الشرعية التي يؤمن فيها القحطاني هنا إنما هي شرعية الاستبداد وشرعية “ما أريكم إلا ما أرى”! وما الذي طرحه في مقاله إلا فلسفة جوفاء بلغة منمقة ومرصعة ببعض نقاط التاريخ التي لا يستقيم سياقها مع أحوال عالمنا الإسلامي وظروفه.

    Liked by 1 person

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: