حلم الحرية وبراءة السلفية الجهادية 2

حلم الحرية وبراءة السلفية الجهادية 2 

قبل إكمال الحديث عن حلم الحرية علينا ألا نتجاهل العدو الحقيقي لها وهو المحتل الأمريكي والروسي والأوربي الذي يشن حربا صليبية ويحاصر الثورة في كل ساحاتها ويقف خلف أنظمته العربية الدكتاتورية الوظيفية والثورة المضادة وتجاهل هذه الحقيقة والتعامي عنها يؤكد أن من يحلل الواقع السياسي وفق هذا التعامي بعيدا هذه الحملة الصليبية هو جزء من النظام العربي الوظيفي والثورة المضادة التي تحاول إعادة التحالفات القديمة مع كل القوى السياسية والإسلامية التي ترغب بالعودة إلى بيت الطاعة وفق التفاهمات التاريخية.

منذ قيام ثورة الربيع العربي والتي فاجأت النظام الدولي والعربي وأحدثت فيه زلزالا هز منظومة متكاملة أنشأتها القوى الاستعمارية للتحكم بالمنطقة العربية وتبع هذا الزلزال وبشكل متوقع هزة كبرى في أداء وفكر السلفية الجهادية والتي تفاجأت بالقوة الكامنة لدى شعوب الأمة، وهي التي لم تكن تراهن عليها من قبل، وقيام ربيعها العربي الذي هز منظومة محكمة عجزت عن كسرها الجماعات السياسية والجهادية منذ سقوط الخلافة قبل 100عام.

مع قيام ثورة الربيع العربي برز الصراع الدولي والإقليمي ولذا لا يمكن إغفال دور القوى الاستعمارية وقوى الثورة المضادة وحملتهم وتآمرهم في مواجهة ثورة الربيع العربي ولا تحميل قوى الثورة السياسية منها والجهادية مسؤولية ما يحصل من تراجع في الأداء الثوري فالمعركة بين شعوب الأمة وهذه القوى الاستعمارية فالحرب سجال والسلفية الجهادية وغيرها لا تمثل إلا جزء لا يكاد يذكر في معادلة الصراع الدولي في ساحات الثورة.

وفي ظل هذا فالسلفية الجهادية تواجه اليوم اختبارا حقيقيا في ساحات ثورة الربيع العربي على كل المستويات فهي لازالت تعاني من إرث فكري وجهادي عميق وعقيم ويشكل أمامها حاجزا لتطوير أدائها وزيادة وعيها السياسي لتواكب أداء شعوب الأمة نفسها التي ثارت وغيرت ميزان القوى على الأرض وهو الذي سعت إليه السلفية الجهادية وغيرها منذ عقود ولم تستطع أن تحدث ما أحدثته ثورة الربيع العربي في بضع سنين.

ومن أكبر الإشكالات التي تواجهها السلفية الجهادية في ظل ثورة الربيع العربي هو روح الوصاية وغياب الرؤية السياسية وضعف الوعي السياسي في إدراك طبيعة الثورة وتطلعات الشعوب مما أحدث فجوة بينها وبين باقى قوى الثورة فوضوح الرؤية السياسية وتبني أهداف الثورة بشكل واضح لا لبس فيه يجعل السلفية الجهادية أكثر قربا وتعبيرا عن تطلعات الشعوب وهو ما يمكنها من اجتياز العقبات والحواجز التي يراد وضعها أمامها من متطرفي السلفية والجماعات الوظيفية، خاصة في ظل هذا التداعي الأممي مما يجعلها أكثر عرضة للتوظيف الدولي والإقليمي.

فالانغلاق السياسي والفكري وروح الوصاية لا يخدم السلفية الجهادية ولا غيرها في ظل ثورة الربيع العربي التي فتحت آفاق كبرى للجميع لكي يعملوا جميعا من أجل شعوب الأمة وثورتها بعيدا عن الروح الفصائلية التي أضعفت الثورة وعن أجندات الثورة المضادة وأدواتها، وأصبح الفضاء اليوم مفتوحا ولم يعد بالإمكان العمل خارج رقابة شعوب الأمة وعلمائها.

فثورة الربيع العربي تواجه تآمرا دوليا وإقليميا في كل الساحات سواء كانت قوى السلفية الجهادية موجودة فيها أم لا وهذا التآمر يتعامل مع كل ساحة ثورية بحسب معطياتها وقواها، ففي مصر وتونس لم يكن للسلفية الجهادية وجود واضح ومؤثر ومع هذا قامت الثورة المضادة فيهما وعاد النظام القديم، فالقوى الدولية والثورة المضادة لا تفرق بين قوى الثورة وتعمل على استغلال وتوظيف ما يمكن من أجل إنهاء الثورة وإعادة الشعوب للحظيرة.

ولهذا فمن أخطر ما يطرح اليوم وخاصة في الساحة السورية هو الترويج الدولي والإقليمي للحل السياسي الانتقالي وشن حملة إعلامية وسياسية لإحداث شقاق وفجوة بين الشعب السوري وباقي قوى وفصائل الثورة من السلفية الجهادية وقوى الثورة السياسية والجيش الحر لتمرير الخطة الدولية لإبقاء نظام الأسد واستمراره كما حصل في باقي ساحات ثورة الربيع العربي.

مسؤولية السلفية الجهادية كبرى في قطع الطريق على التآمر الدولي وذلك بالالتحام بالثورة لتصبح جزءا من الثورة لا وصيا عليها ومشروعها والابتعاد عن المشاريع والأجندات التي لا تعبر عن الثورة وتطلعات الشعب السوري، والوقوف مع أصدقاء الثورة الحقيقيين وداعميها كتركيا والبعد عن التصادم معها لا سياسيا ولا إعلاميا فهذا لا يخدم الثورة ولا يحقق أهدافها بل يخدم التآمر الدولي والثورة المضادة على ثورة الربيع العربي وتركيا.

لم يعد بمقدور قوى الأمة العمل بعيدا عن رقابة الشعوب وأصبح أداؤها تحت الاختبار والتقويم وهو مما سيعود بالفائدة الكبرى على أداء الجماعات وخاصة السلفية الجهادية التي اختطت لنفسها السرية في العمل والأداء بحكم طبيعة عملها الجهادي لكنها اليوم لم يعد بمقدورها الاستمرار في نفس النهج بعيدا عن رقابة شعوب الأمة التي تقدمت في الأداء الثوري والجهادي مع ثورة الربيع العربي وهو ما شكل ضغطا على السلفية الجهادية وفكرها وأدائها وقد آن الأوان لكي ترتقي بأدائها السياسي قبل الثوري لتشارك شعوب الأمة في حلم الحرية والتحرر وليصدق فيهم قول الله عز وجل ‏ ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وإلا فإن سنن الله عز وجل لا تحابي أحدا ولو رفع شعار الجهاد فالأهم العمل وحسن الأداء والوقوف مع الأمة وقواها في ثورتها والمضي معها‏ ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾

الجمعة 17 ذوالحجة 1438هـ 8 / 9 / 2017م

رأي واحد حول “حلم الحرية وبراءة السلفية الجهادية 2

اضافة لك

  1. على الأحزاب السياسية الإسلامية أن تكون على قدر المسئولية
    مقال جميل لسيف الهاجري أمين عام حزب الأمة في الكويت
    👇
    حلم الحرية……. وبراءة السلفية الجهادية (الجزء الأول)
    #اليمن :
    مع أحداث الثورة في اليمن ونزول الشعب في ساحات التغيير لإسقاط علي صالح حرص شباب السلفية الجهادية على سلمية الحراك وفتحوا المجال لحزب الإصلاح – الإخوان المسلمين لتولي التفاوض السياسي لتحقيق أهداف الثورة ضمن أحزاب اللقاء المشترك ومع أن شباب السلفية الجهادية يدركون خطورة التفاهمات السياسية في ظل المبادرة الخليجية ولكن حرصا منهم على وحدة الصف قبلوا بتصدر الإخوان في اليمن المشهد السياسي للثورة والذين بدورهم قبلوا بالمبادرة الخليجية والدولية ولم يكونوا على مستوى من الوعي السياسي بما يحاك للثورة اليمنية من تآمر وبلغ بحزب الإصلاح أن رئيسه اليدومي يكافئ السفير الأمريكي على جهوده بعد انتهاء مدة عمله في اليمن لينتهي المآل بالجميع إلى سيطرة نظام علي صالح من جديد ودخول الحوثي صنعاء بدعم أمريكي خليجي وهجرة قيادات حزب الإصلاح للرياض وشباب السلفية الجهادية في اليمن يقاومون ويدفعون مع شعبهم ثمن تفاهم حزب الإصلاح وأحزاب اللقاء المشترك مع أمريكا والتحالف العربي فشباب السلفية الجهادية بقوا في اليمن مع شعبهم ومع الثورة وحلمها.
    #سوريا:
    بعد طلب الوزير الجبير من المعارضة السورية في الائتلاف والذي يشكل الإخوان أغلبيته بالإضافة إلى ضم منصة موسكو ومنصة القاهرة ويكفيك اسمها طلب منهم القبول ببقاء الأسد في المرحلة الإنتقالية وظهر أمامهم عقبة ثورية وهي السلفية الجهادية في الساحة السورية التي ترفض الحلول السياسية التي تبقي النظام وأصبحت حجر عثرة أمامها لذا تجد هذا الهجوم الإعلامي عليها بأنها وظيفية وتخدم المشروع الدولي لإسقاط الثورة وحلم حرية الشعب السوري في حين واقع الحال هو أن ما طرح هالوزير الجبير هو الذي يقضي على الثورة وحلمها والتفاهمات من جنيف 1 إلى الأستانة فالذي يواجه الثورة هو هذه الحملة الجوية الأمريكية الروسية على سوريا والتي تشارك فيها الدول العربية والخليجية كما فعلت في مصر واليمن وليبيا وتونس .
    إن الدور الوظيفي الذي قام به حزب الإصلاح في اليمن هو نفسه يراد تطبيقه في سوريا من نفس الأدوات وبنفس الأسلوب والحملات الإعلامية وخلفه نفس الدول الداعمة للثورة المضادة ويراد تحميل السلفية الجهادية جريمة بقاء الأسد لإخراج السلفية الجهادية من الثورة في سوريا ، فإخراج السلفية الجهادية من ساحات ثورة #الربيع_العربي شرط أمريكي دولي يتولى كبره اليوم جماعات وظيفية تحالفت وتفاهمت من النظام العربي الذي تربت في حضنه لقرن من الزمان لينطبق قوله الله تعالى عليهم ﴿قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ﴾
    فالمؤكد في المشهد الثوري في كل ساحات الثورة أن السلفية الجهادية اختارت الثورة وحلم الحرية مع شعوبها وتخلت عن متابعة الجماعات التي تفاهمت مع أمريكا والغرب والنظام العربي وإيران فهذه الجماعات لم تؤمن بالثورة يوما وإنما ترى ثورة الربيع العربي فوضى وحرائق يجب إطفائها ولو على حساب حرية الشعوب وفاقد الشي لا يعطيه، وسترى هذه الجماعات كيف تجري عليها سنن التغيير ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾
    ولا يمكن اليوم تحميل فصائل السلفية الجهادية مسؤولية ما يجري في المنطقة مع صغر حجمها في ميزان الصراع الدولي والإقليمي وإنما يراد تمرير مشاريع الاحتلال مع الجماعات الوظيفية كما حدث في العراق.
    ومع هذا التآمر كله ستفشل كل مشاريع الاختراق وستنتصر الثورة.
    “لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ”.
    الخميس 16 ذوالحجة 1438هـ 7/9/2017م

    إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: