“الدول الثمانية وتداعيات الثورة العربية”
تجتمع هذه الأيام في إسطنبول – العاصمة التاريخية للخلافة العثمانية لأربعة قرون – مجموعة الدول الثمانية الإسلامية، في وقت تمر فيه الأمة الإسلامية بمرحلة تاريخية خطيرة بعد قيام ثورة الربيع العربي التي أحدثت وما تزال هزة عميقة وزلزلة كبرى في النظام الدولي والعربي.
وبلا شك ستواجه مجموعة الثمانية الإسلامية تحديات كبرى في ظل هذه الأحداث، لقد ظلت هذه المجموعة والتي أنشئت منذ عقدين ذات تأثير محدود في المشهد السياسي، لكنها اليوم أمام فرصة تاريخية لتحقيق طموح الأمة في الاستقلال والحرية والوحدة والتنمية.
وهذا الدور لا يمكن للمجموعة القيام به إلا في ظل حكومات منتخبة تعبر عن إرادة شعوبها لا النفوذ الأجنبي الذي لا زال مؤثرا في بعض أعضائها.
ولعل تداعيات الموقف من ثورة الربيع العربي سيواجه المجموعة الإسلامية كتحد شرعي وأخلاقي خاصة في ظل وقوف إيران مع نظام الأسد ضد الشعب السوري، وغياب أي دور لباقي دول المجموعة في دعم حق الشعوب العربية في الاستقلال والحرية، بل واستمرار علاقاتها مع الأنظمة العربية المستبدة والتي تقود الثورة المضادة.
وسيكون أمام تركيا مع استلامها رئاسة المجموعة الإسلامية – وهي التي اتسقت مع سياستها الأخلاقية في احترام خيار الشعوب العربية – فرصة لدور تاريخي للدفع باتجاه سياسات جديدة للمجموعة لتصبح أكثر تعبيرا عن الإرادة الحرة لشعوب الأمة، ولا يمكن إحداث أي نهضة إقتصادية أو تنموية في ظل غياب استقلال الأوطان وحرية الشعوب.
إن تحرر العالم العربي هو المفتاح الحقيقي للنهضة الإسلامية سواء السياسية أو الإقتصادية التي تنشدها دول المجموعة الإسلامية، ولا يمكن تصور وحدة الأمة ونهضتها وعمقها العربي تحت سيطرة القوى الاستعمارية وأنظمتها الوظيفية المستبدة، هذه حقائق يؤكدها تاريخ الأمة وجغرافيا المنطقة وواقع المشهد السياسي العالمي والإقليمي، فهل تدرك المجموعة هذه الحقائق لتعيد النظر في نظامها وسياساتها؟
هذا المأمول مع الرئاسة الجديدة التركية والتي باتت تقود العالم الإسلامي السني وتعبر عن توجه شعوبه التي تتطلع للحرية والوحدة والنهضة، في ظل تراجع الدور المصري والسعودي والخليجي بعد الثورة المضادة والصراع مع الأمة وشعوبها بدعم أمريكي وروسي.
الجمعة 30 محرم 1439هـ 20 / 10 / 2017م
سيف الهاجري 
اترك تعليقًا