براءة الوهابية من أباطيل الليبرالية الصليبية

براءة الوهابية…..من أباطيل الليبرالية الصليبية
(دعوة محمد بن عبدالوهاب في الإصلاح الديني إحدى حلقات النهضة في العالم الإسلامي في القرن الثامن عشر لو انتظمت لتغير وجه التاريخ المعاصر) ” الطريق إلى ثقافتنا” محمود محمد شاكر

بعد قيام الثورة العربية ضرب الخليج والجزيرة العربية زلزال سياسي وفكري وكشف دور الأنظمة الوظيفي في تنفيذ الأجندة الأمريكية في المنطقة خاصة بعد قمة الرياض 2017م واطلاق مشروع ترامب.

لم تكتف قمة الرياض باطلاق حلف عسكري وإنما أطلقت أيضا الشعار (العودة للإسلام المعتدل) يدعمه حلف ليبرالي مع جماعات الاعتدال الوظيفية لإعادة تشكيل الساحة الفكرية الإسلامية بما يتناسب مع المرحلة الجديدة والسلام والتطبيع مع إسرائيل بعد إنهاء الثورة العربية.

واستندت هذه القوى الدولية والمحلية في دعوتها لهذا الشعار الوهمي وترويجه إلى :

أ: تزييف تاريخ الدعوة الوهابية وشيطنتها.

 ب: تحالف السلطة والمؤسسات الدينية التقليدية الرسمية.

ج: محاربة أي صوت معارض من العلماء والدعاة.

د: تحميل السلفية والوهابية مسئولية ممارسات السلطة السياسية لتبرئة ساحاتها من كل التجاوزات على الحقوق والحريات.

إن أخطر ما يطرح اليوم تحت هذا الشعار الوهمي هو عزل شعوب الخليج عن دينها وهويتها وتاريخها بتزييف وعيها وتغييب الدور التاريخي لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب في تجديد معالم الدين ليس في جزيرة العرب فقط بل في العالم الإسلامي وكونها جزء من التاريخ الإسلامي وامتداد له كحركة تجديد إصلاحية ضمن ما تشهدة الخلافة العثمانية الإسلامية من دعوات إصلاح داخلية. 

فمن قلب جزيرة العرب أحدث الإمام محمد بن عبدالوهاب بدعوته هزة سياسية ودينية فتحت الباب على مصراعيه أمام الإصلاح في الخلافة العثمانية والتي كانت بحاجة إليه مع تطور العالم وظهور النهضة الصناعية ولهذا جاء عصر السلطان محمود الثاني وسمي بعصر الإصلاحات https://goo.gl/7SQ9Uj ، فدعوته جاءت في مرحلة من أخطر المراحل التاريخية التي تمر بها الخلافة العثمانية، فالإمام كان مدركا لمرحلة عصره وأهمية التمسك بالخلافة ووحدتها الدينية والشرعية للحفاظ على كيانها خاصة مع ظهور أساطيل القوى الأوربية الاستعمارية التي بدأت تصل لموانئ الجزيرة العربية وتحتلها وتقيم فيها الوكالات السياسية والتجارية.

ومما لا شك فيه أن التاريخ المعاصر يحتاج إلى مراجعة شاملة لتعيد حقائقه إلى وضعها الطبيعي لنفهم تماما حقيقة ما يجري اليوم من تغييب تام لدور دعوة الأمام محمد بن عبدالوهاب في البعث والتجديد، والذي طال كل الدعوات في العالم العربي كالسنوسية والمهدية وفتح باب الإجتهاد، وأن دعوة الأمام محمد بن عبدالوهاب إنما هي امتداد لما قبلها وهو ما أكده أحمد أمين حيث قال (ما شب عليه الأمام محمد عبده في مصر فرأى تعاليم ابن عبدالوهاب تملأ الجو فرجع إلى هذه التعاليم في أصولها إلى عهد الرسول ﷺ إلى ابن تيمية إلى عهد ابن عبدالوهاب) أحمد أمين “زعماء الإصلاح في العصر الحديث”.

فحركة الإمام محمد بن عبدالوهاب بالأمس كانت جزءا من الحراك العلمي والفكري والسياسي ضمن كيان الخلافة العثمانية الجامع للأمة ووحدتها ولم تكن يوما خارج هذا الإطار (وكان نجاحها مؤثرا في تغيير أوضاع البلاد العربية في جزيرة العرب فأدت ما عليها كحركة علمية وإن لم تكن مسؤولة عنه سياسيا) محمد زاهد جول “الوهابية والسلفية الأفكار والآثار”

وفي كتابه “عصر الثورة في أوربا” رصد المؤرخ إيريك هوبزباوم ما يمر به العالم الإسلامي من عصر إصلاحات داخل الخلافة العثمانية في نفس فترة النهضة الأوربية فقال (هبت على العالم الإسلامي موجات من الإصلاح الفكري والسياسي، مثل الإصلاح الدستوري الذي أجري على أنظمة الدولة العثمانية في عهد السلطان سليم الثالث (1789 – 1807) وبرنامج “التنظيمات” في عهد محمود الثاني1807 – 1839) https://goo.gl/5UrZj1 عرض إبراهيم غرابية .

فالسلفية كتيار وفكر كانت جزءا من المنظومة الإصلاحية في الخلافة العثمانية والداعمة للسلطان مراد الثالث وإصلاحاته الدستورية وهو ما أشار إليه أ.د محمد غورماز رئيس الشؤون الدينية التركية السابق في لقــاء معه في مكتبه بتاريخ 15/8/ 2016م بأنه في عهد السلطان سليم الثالث والمشهور عهده بالإصلاح الدستوري كانت جماعة أهل الحديث السلفية لها دور سياسي وعلمي في الخلافة العثمانية ومركزهم في جامع أيا صوفيا وكان السلطان يميل إليهم ويدعم نشاطهم.

وهذا الحقائق التاريخية عن كون السلفية وأهل الحديث خاصة جزء من منظومة الخلافة العثمانية السياسية والفكرية والشرعية، تؤكدها رسائل الإمام محمد بن عبدالوهاب للخليفة العثماني وشريف مكة والتي يظهر فيها ولاءه للخلافة العثمانية الإسلامية وحرصه على كيان ووحدتها وهو ما يتوافق مع الأصول السياسية الشرعية التي قامت عليه دعوته الإصلاحية وفق أصول مذهب الأمام أحمد https://goo.gl/QQtLbU ، ولذا لا يمكن فهم دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب وفق ما يقرره اليوم دعاة شعار الإسلام المعتدل من أصول سياسية شرعية ابتعدت تماما عن أصول الدعوة الأولى ولم تعد تعبر عنها بقدر ما تعبرعما تقرره السلطة من سياسات وتوجهات، وهو مما حذر منه الشهيد سيد قطب (لقد تركنا أجيالا لا تعرف شيئا حقيقيا عن أخطر مرحلة في تاريخ المشرق تركناها تفهم أن تحطيم محمد علي للحركة الوهابية عملا عظيما وهو في حقيقته كان جناية تاريخية على النهضة الإسلامية التي كان يمكن أن تبكر مائة عن موعدها لو تركت تمضي في طريقها وتبلغ أهدافها في ذلك الحين) مقال”صيحة في وجه وزارة المعارف صححوا أكاذيب التاريخ” مجلة الرسالة 1001/1952.

لقد أصبحت المؤسسات الشرعية والعلمية بعلمائها ودعاتها جزءا من منظومة السلطة ولم تعد امتدادا لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب والتي أنهت بريطانيا دورها السياسي والشرعي بقضائها على جماعة إخوان من طاع الله والتي تعد الامتداد الحقيقي للسلفية الوهابية والتي رعاها الخليفة عبدالحميد ضمن مشروعه الجامعة الإسلامية وإرساله لدعاتها كالشنقيطي والخراساني وقد أشار الباحث محمد زاهد جول في بحثه عن الوهابية إلى التقارير الإيجابية التي ترفع للخليفة عبدالحميد عنها https://goo.gl/wBGHgf ، ومن ثم بدأت بعدها بريطانيا ببناء منظومة متكاملة من أنظمة سياسية مستبدة وجماعات وحركات وظيفية ومؤسسات علمية، ليفقد العالم العربي بذلك مظلة الخلافة الإسلامية الجامعة لكل قواه وحركاته ومذاهبه، وليظهر في الأمة الصراع الطائفي والمذهبي الذي صنعته الحملة البريطانية الفرنسية الصليبية الأخيرة لترسيخ سيطرتها على العالم الإسلامي. https://goo.gl/oVnsf5 “عبيد بلا أغلال 23” أ.د حاكم المطيري.

فجميع الحركات الإسلامية المعاصرة كالسلفية الوهابية والسنوسية والمهدية هي جزء من حركة بعث علمية وفكرية وسياسية تجديدية سرت في جسد الأمة ضمن منظومة الخلافة العثمانية الإسلامية وقد رعاها الخلفاء بما استطاعوا من إمكانيات تملكها الدولة وآخرها دعوة الجامعة الإسلامية التي أطلقها الخليفة عبدالحميد الثاني ولكن زمن الدولة كان قد أفل وأنقضت عليها ذئاب القومية وبرعاية بريطانية في انقلاب 1908م “مذكراتي السياسية للسلطان عبدالحميد”، لتسقط بذلك الخلافة العثمانية كنظام سياسي ومنظومة أخلاقية، لكن أثر حركات دعوات الإصلاح الديني والشرعي العميق لازال مؤثرا في دعوات التحرر والإصلاح ليصل اليوم إلى إلتحامها بثورة الربيع العربي كالسلفية الجهادية وغيرها من قوى الأمة وحركاتها وما أحدثته هذه الثورة من تغيرات كبرى على المسرح العالمي للأحداث، فالعوامل السياسية والتاريخية هي نفسها تؤثر في المشهد السياسي للعالم العربي وخاصة في ظل (الصراع الدولي المعاصر الذي يستهدف الإسلام باسم الإرهاب قد جعل من الحركة السلفية الجهادية عدوه الأول) محمد زاهد جول “الوهابية والسلفية الأفكار والآثار”..

فتاريخ الأمة مترابط وامتداده واحد وهذا هو قدر الأمة وشعوبها ولن تستطيع القوى الاستعمارية ولا الثورة المضادة من مواجهة ثورة الربيع العربي بشعارات زائفة وبسياسات طائفية أو دعوات مذهبية، فالأمة أوعى وأقدر على المواجهة والتضحية لتحقق الحرية والاستقلال بإرادة حرة.

فمع ثورة الربيع العربي بدأ عهد جديد من البعث والتجديد لهذه الأمة التي ابتليت بالاحتلال والاستبداد ، وها هي بعد قرن من سقوط الخلافة تستقبل بشائر النصر والفتح والتمكين لتحقق ما كان يصبو إليه زعماء الإصلاح والتجديد رحمهم الله جميعا إلى عودة الأمة وانبعاث خلافتها الراشدة ليرى أحفادهم امتهم تعود من جديد منارة سياسية وأخلاقية للأمم والشعوب كما كانت من قبل ليتحقق الوعد النبوي (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) رواه أحمد.

الأثنين 10 صفر 1439هـ 30 / 10 / 2017م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: