الثورة العربية غير…
(نؤيد التعاون بين الناتو وروسيا وأميركا لدعم إنشاء بنية أمنية في الشرق الأوسط)
وزير خارجية روسيا لافروف في مؤتمر ميونخ للأمن
يعقد مؤتمر ميونيخ للأمن هذه الأيام تحت شعار (إلى حافة الهاوية – والعودة؟) ليعبر عن حالة النظام الدولي بعد مضي 7 سنوات من قيام ثورة الربيع العربي التي هزت كيان هذا النظام الدولي، لقد أشغلت الثورة العربية العالم بأسره وكافة مؤتمراته الدولية من مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى المؤتمرات الامنية وأشهرها مؤتمر ميونيخ للأمن الذي يعد أشهر المؤتمرات لعقد اللقاءات والصفقات والتحالفات بين القوى والدول https://goo.gl/N7qPfD.
فدعوة وزير خارجية روسيا لافروف حلف الناتو وامريكا للتعاون لإنشاء بنية أمنية في الشرق الأوسط لأوضح دليل على انه مع قيام ثورة الربيع العربي بدأ انهيار منظومة سايكس بيكو التي بنيت لتحكم منطقة العالم العربي بعد سقوط الخلافة بعد الحرب العالمية الأولى مما دفع الشركاء المتشاكسون إلى التفاهم والتعاون فيما بينهم ليقطعوا الطريق على تقدم الثورة في كل ساحاتها سياسيا وعسكريا كما ظهر جليا في سوريا.
وسعي الوزير الروسي لافروف خلف كواليس مؤتمر ميونيخ لمثل هذا التعاون المشبوه ليس مع الناتو وأمريكا فقط بل مع وزراء أنظمة الثورة المضادة https://goo.gl/sNdH1A لعله يخرج روسيا من ورطتها في سوريا بمنظومة أمنية جديدة وحل سياسي يحمي مصالحها ويلتف على الثورة السورية ويفرغها من أدوات قوتها تحت رعاية دولية وأقليمية وهذا ما يراد للثورة العربية في كل ساحاتها.
فثورة الربيع العربي ليست كغيرها من الثورات لا في منطلقاتها ولا في مآلاتها وهذا ما أدركته القوى الاستعمارية رعاة وحماة الأنظمة الوظيفية وبدأت بمواجهة الثورة بالرغم من أن قوى الثورة نفسها في المرحلة الأولى من الثورة لم تدرك عمق الثورة نفسها وخطورتها على النظام الدولي ككل وهذ ما يفسر لك حسن ظنهم بقوى النظام الدولي التي ترفع شعارات الحرية والديمقراطية لشعوب العالم وغاب عن هؤلاء الطبيعة الخاصة لمنطقة العالم العربي التي بتحررها يسقط النظام الدولي والذي بمنظوته تحكم القوى الاستعمارية العالم.
فالقوى الاستعمارية تستطيع التعايش والتفاهم مع أية ثورة في العالم كون مثل هذه الثورات كربيع أوربا الشرقية أو ثورات أمريكا الجنوبية أو جنوب أفريقيا جزء من المنظومة الحضارية المسيحية أما ثورة الربيع العربي ونهوض تركيا وتحررها فهي صعود للإسلام سياسيا وحضاريا وهذا مرفوض من قبل هذه القوى الاستعمارية.
لقد سعت الدول الأوربية منذ الحروب الصليبية وفتح القسطنطينية ومعاهدة كارلوفجة ومعاهدة سايكس بيكو ووعد بلفور ومعاهدات سيفر ولوزان، إلى إلحاق الهزيمة أمة الإسلام بإسقاط الخلافة الإسلامية كنظام حكم وإخضاع بلدانها للسيطرة الاستعمارية المباشرة تحت غطاء القانون الدولي الذي وضعت أوربا أصوله وقواعده في صلح وستفاليا 1648م ليصبح جزء من منظومة الأمبراطورية الرومانية المقدسة وفي مؤتمر فيينا 1815م وظهور عصبة الأمم بعد معاهدة فرساي 1918م ونشوء الأمم المتحدة 1945م بعد الحرب العالمية الثانية.
وما نشاهده اليوم من حملات على قوى المقاومة الثورية والسياسية والفكرية والدعوية كالسلفية الجهادية وحركة الإخوان والحركات السلفية كالدعوة الوهابية ومؤتمر الأمة وغيرهم ليست إلا حملات مشبوهة ضمن لعبة كبرى ترعاها القوى الاستعمارية وتفتح لها المنابر الدولية والإقليمية وتؤسس لها المراكز العلمية والمؤسسات الدينية والسياسية والحقوقية كما فعلت بريطانيا وفرنسا عندما فتحت الأبواب للقوى القومية والليبرالية في العالم العربي ودعمتها ونظمت لها المؤتمرات وأشهرها المؤتمر العربي القومي الأول في باريس عام 1913م لتمهد فرنسا وبريطانيا لإسقاط الخلافة العثمانية الإسلامية، لتعيد اليوم أمريكا التاريخ نفسه وتحت شعار الإسلام المعتدل لمواجهة الثورة العربية من الداخل كما واجهت بريطانيا وفرنسا الخلافة بالأمس.
ولهذا فالثورة العربية ليس كغيرها من الثورات فانتصارها نهاية للمشروع الاستعماري في المنطقة وعودة الأمة للريادة بين الأمم فهذا هو قدرها كما وصفها الله عز وجل (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)
الأحد 2 جمادى الآخرة 1439هـ 18 / 2 / 2018م
اترك تعليقًا