كشفت الثورة العربية لشعوب الأمة مدى هشاشة وضعف القطرية ودورها في عزل شعوب الأمة عن بعضها البعض مما أضعف الولاية الإيمانية بين أهل الإسلام التي قررها الله عز وجل في محكم كتابه ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ وأحدثت هذه القطرية الوظيفية العزلة بين أقطارها وقواها وقد وقعت الجماعات الإسلامية في وهم القطرية ولم تخرج منه بل عززته بأدائها السياسي في الساحات الثورية بتبنيها للقطرية والعزلة مما مكن النظام الدولي والثورة المضادة من اختراق كافة الساحات الثورية ومواجهتها.
إن إبقاء القطرية هو مما حرصت عليه الحملة الصليبية الغربية على المنطقة لتعزز بقاء المنظومة الوظيفية وفق الأطر القطرية ليسهل عليها الضبط والسيطرة ومنع تحرر شعوب الأمة.
ومما يجب أن تدركه الجماعات والقوى الثورية التي تتعامل مع واقعها القطري بأنه لا يمكن تحقيق أهداف الثورة في أي قطر أو تحرره دون استحضار حقيقة ارتباط أقطار الأمة بعضها ببعض والتعامل مع الواقع السياسي والثوري على هذا الأساس الإيماني والتاريخي وهو ما أدركه النظام الدولي والمنظومة العربية فواجهوا الربيع العربي كخطر حقيقي واحد هدد نفوذهم يجب مواجهته بسياسة فرق تسد بين قوى الأمة وأقطارها ليتم إحتواء ثورة الربيع العربي وضرب قواها.
أثبتت أحداث التاريخ المعاصر أن كل حراك لأي شعب لم يؤتى من الداخل فقط بل يتم مواجهته واحتوائه من قبل النظام الدولي والنظام العربي الوظيفي كما في انقلاب الجزائر 1994م بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات واحتلال العراق 2003م والانقلاب العسكري في مصر والمبادرة الدولية والخليجية في اليمن والمبادرة الدولية ودعم حفتر في ليبيا ودعم النظام العربي لنظام بشار وعلى هذا فقس كل حراك شعبي أو ثورة يقوم بها أي شعب من شعوب الأمة.
فالقطرية هي دعوة جاهلية وظيفية سواء دعت إليها جماعات أو قوى أو أفراد لكن هذه الدعوة قد فاتها القطار بعد قيام الربيع العربي وانكشاف خطورتها ولم تعد تجد صدى عند شعوب الأمة التي أدركت خطورة القطرية وضرورة الوحدة لتحقيق السيادة والاستقلال والنهضة بعد قرن من الاحتلال والاستبداد.
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾
الأحد 20 شعبان 1439هـ
6 / 5 / 2018
اترك تعليقًا