الانتخابات التركية…ومستقبل الثورة العربية

منذ القرن الثالث الهجري في عهد الخليفة العباسي المعتصم بالله ارتبط العرب والترك برباط إيماني عقائدي عميق ليصبح مصيرهم واحد ومشترك أمام كافة الأخطار والتحديات إلى يومنا هذا، فهذه الحقيقة التاريخية أدركها العدو الصليبي بعدما رأى الدور التاريخي للشعب التركي في حماية الإسلام وخلافته من الأخطار الداخلية التي تواجهه كالفرق الباطنية من القرامطة والفاطمية التي تحالفت مع هذا العدو الصليبي على الأمة إلى أن انتقلت الخلافة إلى أسطنبول لتصبح الدولة العثمانية هي الحامي الأكبر للأمة من الخطر الصليبي والخطر الصفوي الباطني وتحالفهما من جديد لمواجهة الخلافة العثمانية الإسلامية عندما بدأت البحرية البرتغالية الصليبية تغزو جزيرة العرب من الشرق لينفتح الباب أمام الاستعمار الصليبي ليدخل قلب العالم العربي ويسقط الخلافة العثمانية بعد قرنين من هذا التحالف الصليبي الصفوي ليصبح العالم العربي والإسلامي تحت السيطرة الصليبية لتواجهها الأمة اليوم بثورتها العربية ومقاومتها التركية.

لقد أدرك العرب بعد الربيع العربي والأتراك بعد الانقلاب العسكري بأن قرن كامل من الدعوات القومية والعلمانية والوطنية ما هي إلا واجهات مزيفة وحصان طروادة صنعت في العواصم الغربية ليفرض الغرب سيطرة الكاملة على المنطقة بعد حملته الصليبية الأخيرة في الحرب العالمية الأولى 1914-1918م وسقوط الخلافة العثمانية الإسلامية ومعها مكة والمدينة والقدس. “الجزيرة العربية في الوثائق البريطانيةنجدة فتحي صفوة

عندما ثارت الشعوب العربية لتغير أنظمة مستبدة فاسدة بأخرى عادلة صالحة ومارس الشعب التركي حقه الطبيعي في اختيار من يحكمه تفاجأ الجميع عربهم وتركهم بأن القوى الدولية بنظامها الدولي ومجلس أمنها ترفض حق شعوب الأمة في الثورة على الظلم وفي التغيير واختيار من يحكمها والعرب والأتراك في ذلك سواء.

ولو اختلفت تفاصيل المشهد السياسي فالعالم العربي وتركيا أمام غرفة عمليات دولية واحدة تواجه الثورة العربية بالحملات العسكرية الدولية وبجيوش الثورة المضادة الوظيفية والمقاومة التركية بالتآمر الدولي الغربي والعربي الوظيفي إقتصاديا وإعلاميا وعسكريا. “مقال بين الانقلاب الناجح والفاشل للمنصف المرزوقي الرئيس التونسي الأسبق” tinyurl.com/ydfs5uk4 .

وبعد الأحداث الكبرى التي مرت بها الأمة بثورتها ومقاومتها ومنعطفاتها الثورية والسياسية ها هي الثورة العربية اليوم مع منعطف جديد تترقب فيه الانتخابات الرئاسية التركية كحدث تاريخي سيعيد الشعب التركي لعمقه الإستراتيجي العربي والإسلامي ويتخلص من النفوذ الغربي الصليبي.

لقد ارتبطت الثورة العربية والمقاومة التركية إيمانيا وسياسيا وبدأ التلاحم الإستراتيجي التاريخي يعود من جديد وهذا هو سر التآمر الدولي الصليبي والإقليمي الوظيفي على تركيا ومحاولات التدخل للتأثير على نتائج الانتخابات لعلهم يحققون من خلال انتخابات 2018م ما عجزوا عن تحقيقه بالانقلاب العسكري الفاشل 2016م بتحطيم المقاومة التركية وإعادة تركيا للتبعية الغربية والدور الوظيفي ، والذي لو قبلت تركيا الجديدة بالاستمرار في أداء دورها الوظيفي وانتظمت سياستها ضمن الترتيبات الأمريكية كبقية الأنظمة الوظيفية لما كان هذا التآمر ولرأينا الثناء الغربي للديمقراطية التركية يتصدر الإعلام الدولي كثنائهم المزيف للديمقراطية الوهمية الوظيفية في العالم العربي.

إن الثورة العربية بقدر ما هي مرتبطة بالتغيرات في الساحة التركية فهي تواجه التحدي الأكبر داخليا في أداء قوى الثورة نفسها ومدى قدرتها على مواكبة هذه التغييرات الكبرى القادمة على المشهدين العربي والتركي، فالقوى الدولية بقيادة أمريكا تسابق الزمن في تنفيذ أجندتها من خلال صفقة القرن للحفاظ على نفوذها التاريخي في المنطقة قبل الموجات القادمة للثورة العربية والمرحلة الجديدة للمقاومة التركية فحلقات التكامل بينهما بدأت تتبلور.

فبالرغم من مرور 8 سنوات على ثورة الربيع العربي وانكشاف تآمر النظام الدولي وقواه الاستعمارية على الأمة وشعوبها فلا زالت العديد من القوى والجماعات تتعامل مع الواقع الثوري في المنطقة بروح قطرية ووطنية وتتعامل مع النظام الدولي كأنه طرف محايد في أحداث الربيع العربي، لتكشف الثورة أن هذه القوى والجماعات هي جزء من المشهد السياسي قبل الثورة ولم تخرج بعد من قمقم النظام الدولي والعربي.

فكما أن مستقبل تركيا ارتبط بالشعب التركي ومقاومته التاريخية للهيمنة الغربية فكذلك مستقبل الثورة العربية مرتبط بالأمة وشعوبها وقواها الحقيقية التي قاومت الهيمنة الغربية منذ سقوط الخلافة.

فالأمة بدينها وجهادها هي الرهان الحقيقي لقوى الأمة وجماعاتها التي تسعى للعودة للساحة الثورة والنهوض بها بعد صولة الثورة المضادة والتآمر الدولي والتواطىء العربي من أنظمة وجماعات وقوى وظيفية.

فتركيا بعد الانتخابات والنجاح المتوقع للرئيس أردوغان وحزبه ستدخل مرحلة تحرر جديدة تاريخية وستشهد الثورة العربية حراك ثوري وسياسي جديد ستفاجأ به الأمة النظام الدولي وقواه الاستعمارية كما فاجأتهم من قبل في بداية الربيع العربي.

إن الجهاد في سبيل الله والمقاومة هو سبيل هذه الأمة في مواجهة أعدائها التاريخيين منذ قادها النبيفي بدر الكبرى إلى أن يقاتل آخرها الدجال ﴿الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال﴾ فكل ما تحتاجه قوى الثورة العربية هو العقيدة الإيمانية والروح الجهادية والقدرة السياسية لتحقق هدف ثورة الأمة في التحرر من الاستبداد الداخلي الوظيفي والاحتلال الأجنبي الصليبي.

فكما بشرت الأمة في يوم بدر بالنصر على مشركي العرب وبفتح القسطنطينية مدينة هرقل وبهلاك كسرى فارس فها هي اليوم على موعد مع بشرى جديدة بفتح ونصر على نفس القوى والأعداء ليعيد التاريخ نفسه وعلى الأرض نفسها.

﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾

الجمعة 8 شوال 1439هـ

22 / 6 / 2018م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: