العرب وتركيا…من فرساي إلى هلسنكي

بعد قرن من انعقاد قمة فرساي 1918م التي قسمت تركة الخلافة العثمانية الإسلامية بين القوى الإستعمارية ها هو التاريخ يعيد نفسه اليوم 16 / 8 / 2018م في قمة هلسنكي بين الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس الروسي بوتين لترتيب أوراقهما لمواجهة موجة التحرر في العالم العربي وتركيا التي وزعتها قمة فرساي من قبل.

إن الثورة العربية على الاحتلال والاستبداد وتحرر تركيا من الهيمنة الأجنبية أحدث انقلاب في النظام الدولي الذي يحكم العالم منذ سقوط الخلافة وهو ما أدركته القوى والمؤسسات الغربية مع التحولات الكبرى في مجتمعاتها ودولها وتوجهها نحو القومية والشعبوية لتقترب بذلك سياسيا من طبيعة النظام الروسي الشعبوي ولتعود الأنظمة الغربية إلى أصولها السياسية التقليدية وبدأ يبرز البعد الديني في التأثير على القرار السياسي وطبيعته والذي كشفه بطريرك الكنيسة الروسية عندما وصف التدخل الروسي في سوريا بالحرب المقدسة.

فأمريكا وروسيا في سباق مع الزمن في مواجهة ثورة الشعوب العربية وتحرر تركيا وتقدمها لتصبح رديفا وعمقا للثورة وأثر ذلك على إنهاء النفوذ الغربي والروسي في المنطقة وللأبد.

فطرح الملف السوري في قمة هلسنكي يكشف حقيقة هذه القمة الاستعمارية فلا يتصور مناقشة الثورة في سوريا دون وضع الثورة العربية بكل ساحاتها وتركيا على طاولة القمة ولكن الخيارات أمامهم محدودة وضيقة في ظل التدافع الدولي والإقليمي في العالم والمنطقة العربية ونهضة شعوبها وثورتها التي قلبت الطاولة على رؤوس الجميع دوليا وإقليميا.

إن حال شعوب الأمة اليوم في العالم العربي وتركيا ليس كما كان في عهد قمة فرساي لا سياسيا ولا ديموغرافيا، فالنظام السياسي في العالم العربي وتركيا الذي أقامته الحملة الصليبية على أنقاض الخلافة شاخ وبدأ بالتهاوي وأصبحت شعوب المنطقة التي تناهز 500 مليون تتطلع للتحرر من الاحتلال والنفوذ الغربي وهذا ما أرعب القوى الاستعمارية وأرادت من خلال قمة هلسنكي قطع الطريق على تحرر الأمة من هيمنتها ونفوذها.

إن الرئيس ترامب يحاول من خلال سياسة تصفير المشاكل في المناطق الساخنة ككوريا وأوكرانيا والقرم مواجهة الثورة العربية والتحرر التركي التي يراها التهديد الأكبر على النفوذ والهيمنة الأمريكية على العالم التي أعلنها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب في 11 / 9 / 1991م في خطاب النصر على الشيوعية بسقوط الإتحاد السوفيتي وسيطرة أمريكا على نفط الخليج والشرق الأوسط بشكل تام وإعلان بوش قيام النظام الدولي الجديد الذي بدأ ينهار اليوم على يد الأمة بإسلامها وجهادها وثورتها ومقاومتها في العالم العربي وتركيا جناحي القوة في الأمة الإسلامية.

فكما كانت قمة فرساي عام 1918م بداية النظام الدولي الاستعماري فقمة هلسنكي 2018م هي بداية الانهيار لهذا النظام الذي دخل نفق الصراع بين قواه والانهيار لمؤسساته، لتعيد الأمة بخيريتها للعالم الأمل في الحرية والعدل ورفع الظلم العالمي وهذا ما رآه الرئيس الفنزويلي مادورو فسارع بمشاركة الأمة في مناسباتها ليعزز هذا النهوض والصعود لنظام عالمي جديد ترسمه أمة الإسلام على أسس التوحيد والحرية والعدل كما أمرها الله عز وجل لا كالنظام الدولي الاستعماري الذي استعبد العالم باسم المسيح الدجال.

‏﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ﴾

الاثنين 3 ذو القعدة 1439هـ

16 / 7 / 2018م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: