مشروع الأمة…هو المستقبل

قال(إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ) رواه مسلم

من الحقائق التاريخية هو أنه بعد فتوحات كبرى وحروب عالمية منذ حروب الإسكندر والرومان والفرس والفتوحات الإسلامية ومواجهة الخلافة للحروب الصليبية وسقوطها والحروب العالمية الأولى والثانية يقوم دائما نظام عالمي يشكله المنتصر

واليوم نحن مع موعد لقيام نظام دولي جديد يتشكل في إثر ملحمة تاريخية تسطرها الأمة في الثورة العربية والمقاومة التركية

فما هو حال القوى الدولية في ظل ملحمة الأمة ومشروعها؟ الجواب والبشرى ستأتي من تحت أنقاض أعمدة هذا النظام الدولي الاستعماري المتهاوية كما بشر من قبل النبيمن عمق الخندق في مواجهة الأحزاب بفتح فارس والروم

فأمريكا ترامب تواجه صراعا سياسيا داخليا بين الدولة العميقة والتيار الأبيض الشعبوي الأصولي وتخوض أطول حرب في تاريخها استنزفتها في أفغانستان والعراق وتعيش في صراع إقتصادي مع الجميع

وأوربا تواجه تفكك الإتحاد الأوربي وصراعا سياسيا عميقا وفراغا أمنيا بإنشغال أمريكا وتراجعها وصراعها مع أوربا في حلف النيتو

وروسيا بسياستها القيصرية التوسعية غرقت في أوكرانيا وفي سوريا بحروب بلا أفق ولا نهاية لها استنزفت قدرتها الإقتصادية وأدخلتها في مستنقع شبيه بالمستنقع الأفغاني الذي أسقط الإتحاد السوفيتي من قبل

والصين سياسيا وعسكريا لا زالت منعزلة دوليا وقدراتها لا زالت أقليمية وقوتها الإقتصادية مرتبطة بمصادر الطاقة الخارجية والتي يحكمها الغرب ومرتبط كذلك بالإسواق الخارجية وخاصة الأمريكية والأوربية وهي تواجه حرب تحد من قدرتها الإقتصادية ولهذا قال ترامب (نحن من صنع الصين)

هذا هو واقع النظام الدولي الذي بدأ يتأكل من الداخل ودب الضعف في نفوذ مؤسساته الدولية على العالم كالأمم المتحدة ومجلس الأمن والبنك الدولي وحلف النيتو فلم تعد هذه المؤسسات قادرة على ضبط الإيقاع الدولي للأحداث في العالم وخرجت عن سيطرتها وتوجيهها

الحقيقة التي لا يريد أن يعترف بها هؤلاء ولا يدركها أهلها هي أن الثورة العربية هي من هزت كيان أركان هذا النظام الدولي الاستعماري وهو ما أدركته القوى الدولية فسارعت إلى تبني سياسات التيارات الشعبوية لتحصين دولها خلف هذه السياسات المتطرفة خوفا من تداعيات إنهيار هذا النظام الدولي وقدوم القوة التي يخشاها منذ قرون ألا وهي قوة الإسلام السياسية وأثرها على السياسة العالمية

لقد بدأ هذا القدوم لقوة الإسلام يظهر من عمق طوفان الثورة العربية والذي بدأ يجرف هذا النظام الدولي الاستعماري مع موجة الطوفان الثانية والمتوقعة للثورة العربية والذي تنتظره المقاومة التركية لينقذها من الحصار الصليبي عليها فبدون عودة الثورة العربية ستبقى تركيا محاصرة وخاضعة للنفوذ الاستعماري وسيعيد النظام الدولي الاستعماري تأهيل نفسه من جديد

يجب أن ننظر للمشهد الكلي لما يحدث في العالم العربي من الخليج العربي وبحر العرب شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا ومن العراق وسوريا وتركيا شمالا إلى اليمن والصومال والسودان جنوبا لندرك لماذا عجزت قوى النظام الدولي وأدواتها الوظيفية من دول وجماعات ولمدة 8 أعوام في إحتواء الثورة العربية وإنهائها؟ ولندرك كيف استطاعت تركيا مواجهة الحصار السياسي والحرب الإقتصادية عليها؟

‏•السر في ذلك كله هو في الأمة نفسها التي أدركت بعد قرن من الاحتلال الصليبي والاستبداد الوظيفي أن رهانها طوال هذا القرن وبعد سقوط الخلافة على التيارات القومية والوطنية واليسارية والليبرالية وحتى العلمانية لتحررها هو رهان خاسر وهذا بلا شك المتوقع لكل من يراهن على تيارات وظيفية بأفكار مستوردة صنعتها قوى الاحتلال والاستبداد نفسها ضمن منظومة متكاملة للمحافظة همينتها ونفوذها على الأمة

كل هذه التحولات والتطورات إشارة جلية على أن الله قد أذن بالتغيير وبالتجديد رحمة بهذه الأمة المستضعفة ونصرة لها كما في الحديث (إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلاتِهِمْ وَإِخْلاصِهِمْ)

لقد أصبحت المعركة اليوم في ساحات الثورة العربية وفي تركيا معركة أمة لا معركة شعب وقطر هنا أو هناك وهذا ما تريده القوى الاستعمارية ومؤسساتها الدولية والتي لا زالت تأمل بسياستها الاستعمارية التقليدية (فرق تسد) ومبادراتها السياسية الدولية أن تحقق ما عجزت عنه بالحملات العسكرية والانقلابات كما في النموذج التونسي

يجب أن نعي بطبيعة هذه التحولات وأحداثها لندرك أن المستقبل لمشروع الأمة، فالثورة العربية هي رأس مشروع الأمة والمقاومة التركية درعه الواقي وعمقه الإستراتيجي ومن يرى غير ذلك فهو لا يعرف معنى الأمة ولا يعرف سنن الله عز وجل ولا يؤمن بموعود الله عز وجل بالنصر والتمكين لهذه الأمة التي هي وريثة الأنبياء وحاملة راية دعوة خاتمهمفهذا قدرها إلى يوم القيامة

﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾

الجمعة 27 ذو الحجة 1439هـ

7 / 9 / 2019م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: