العلمانية والديموقراطية… وجهان لعملة واحدة!

في يوم السبت 29 / 1 / 2005م تم الإعلان عن حزب الأمة في الكويت كأول حزب سياسي في الخليج العربي والذي فاجأ الساحة السياسية بظهور حزب وبمرجعية إسلامية وفق الخطاب النبوي والراشدي وعضوية مؤسسيه من توجهات إسلامية متعددة بشكل لم تعهد الساحة السياسية الخليجية من قبل…

وفي 9 / 2 / 2005م سارع السفير الأمريكي في الكويت ريتشارد ليبارون إلى التصريح في مقابلة مطولة مع صحيفة القبس الكويتية بالقول عن رأي أمريكا في حزب الأمة (إننا لا نؤيد أهداف أو توجهات الجماعة المعنية فهي معادية لأميركا وإن كل مايبدر عنهم يتعارض تعارضا تاما مع قيمنا ومع مبادئ الحرية والديموقراطية)”القبس 9 فبراير 2005-العدد 11375″

وبهذا التصريح لسفير أكبر دولة علمانية وديموقراطية يصدر صكا بعدم حق حزب الأمة في العمل السياسي كون الحزب يتعارض مع مبادئ الحرية والديموقراطية الأمريكية وفي بلد تنص المادة السادسة من دستوره بأن (نظام الحكم في الكويت ديموقرطي)…

وبعد هذا التصريح تم إحالة مؤسسي الحزب للنيابة العامة بتهمة تقويض نظام الحكم في محاولة لوأد هذه التجربة الجديدة على الساحة السياسية، حيث تدرك تدرك أمريكا بأن ظهور قوى سياسية ذات توجهات إسلامية تدعو للتحرر يهدد همينتها على المنطقة.

إن ما تعرض له حزب الأمة هو نفس ما تعرضت له من قبل جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر حيث وقع الانقلاب العسكري على الاختيار الديموقراطي للشعب الجزائري ورفضت القوى الدولية والإقليمية نتائج الديموقراطية في الجزائر، (وخشي صانعو السياسة الغربيين من ألا تفي الجبهة بواجبات الديموقراطية وعندما تدخل الجيش ملغيا النتائج شعرت إدارة بوش الأب بالارتياح وأوضح ذلك وزير خارجية أمريكا آنذاك جميس بيكر بالقول: انتهجنا سياسة استبعاد الأصوليين الراديكاليين في الجزائر بالرغم من تناقض ذلك مع دعمنا للديموقرطية لأننا شعرنا بأن آراء الأصوليين الراديكاليين معاكسة تماما لما نؤمن به وللمصالح الوطنية للولايات المتحدة) “كتاب الجبروت والجبار ص192-مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة”…

إن هذه المواقف تعبر عن سياسة غربية ثابتة بعدم قبول الغرب لأي توجه إسلامي في النظام السياسي العربي ولو باسم الديمقراطية ليحافظوا على النظام العربي العلماني الذي أقاموه بعد سقوط الخلافة بعد الحرب العالمية الأولى…

إن الديموقراطية في العالم العربي هي الواجهة الفكرية والسياسية للعلمانية التي يحكم بها النظام العربي والذي لا تكاد يخلو منها دستور عربي إلا ونص على أن الإسلام دين الدولة ونظام الحكم ديموقراطي ومع ذلك تجد الممارسة السياسة في الواقع العربي علمانية لا إسلامية واستبدادية لا ديمقراطية، فأصبحت الديموقراطية كأصنام الجاهلية تصنع من التمر يأكلها عبادها إن جاعوا فإن جاء من يخالف ديموقرطيتهم الوهمية انقلبوا عليه وحاربوه…

ومع قيام الثورة العربية وانهيار النظام العربي ومعه علمانيته وديمقراطيته الوهمية سارعت غرفة العمليات المشتركة للقوى الدولية وبأدواتها الوظيفية إلى دعم دعاة الديموقراطية وفتح الأبواب لهم لإحتواء الثورة ولمواجهة دعاة العودة للإسلام ونظامه السياسي (الخلافة) وإقامة حكومات راشدة على أصول الخطاب النبوي والراشدي والذي يلقى قبولا بين جماهير الثورة، وحاول دعاة الديموقراطية تلبيس دعوتهم للديموقراطية بلباس إسلامي بتبنيهم لمقولة علي عبدالرازق بعدم وجود نظام سياسي في الإسلام لإعطاء المبادرات السياسية الدولية في ساحات الثورة مشروعية سياسية بواجهة إسلامية لإعادة تأهيل النظام العربي العلماني من جديد وهو ما نراه اليوم في تونس كنموذج على هذا التآمر وبمشاركة حركة إسلامية لشرعنة هذا النموذج وتعميمه…

إن أخطر ما يطرحه دعاة الديمقراطية والمقاصديون الجدد اليوم في ظل الثورة العربية هو أن دعوتهم هذه تعبر عن المبادئ والقواعد السياسية العامة التي جاء بها الإسلام وينكرون وجود نظام سياسي في الإسلام ويعتبرون أن الخلافة أوهام لا يمكن قيامها في ظل عصرنا هذا بنظامه الدولي ومؤسساته ومنظماته وتشريعاته وكأنهم يقولون للأمة بلسان رعاتهم إن هذه الديمقراطية التي لا تقبل إلا العلمانية هي قدركم وباسم الإسلام وهو منها برئ…

﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾

الجمعة

20 ذو الحجة 1439هـ

31 / 8 / 2018م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: