عندما تتورط المعارضة السياسية سواء في الداخل أو الخارج وتتواصل مع القوى الاستعمارية التي تحتل العالم العربي منذ سقوط الخلافة حتى اليوم، وتحرص على بناء علاقات ودية معها، بدلا من الكفاح ضده، فإنها تصبح شاءت أم أبت معارضة وهمية وظيفية تتآمر على الأمة وثورتها ضد النفوذ الغربي وحكوماته الوظيفية، إذ تكون المعارضة بهذا النهج قد خرجت عن كونها قوة تحرر وثورة ضد الاستبداد والاحتلال الذي فرضه، إلى بديل وظيفي يسوق نفسه لدى المحتل نفسه، ويقدم أوراق اعتماده عنده للموافقة على استبداله بالأنظمة القائمة ليقوم بالدور نفسه الذي تقوم به من قمع لكل من يجاهد المحتل، ويدعو الأمة لخوض معركة التحرير منه، وهو ما حدث تماما في العراق!
وللأدوات الوظيفية التي يرعاها المحتل الغربي في العالم العربي عدة أوجه:
1- معارضة سياسية 2-جماعات وجمعيات 3- فرق دينية 4-مراكز دراسات وقنوات 5-كتاب ومفكرين وإعلاميين
والموقف من المحتل ومن النظام الدولي ومؤسساته الدولية ومن النظام العربي يكشف حقيقة هذه الإدوات الوظيفية.
وأبرز سمات هؤلاء الوظيفيين مسارعتهم نحو خطب ود الغرب المحتل وعقد اللقاءات والمؤتمرات في العواصم الغربية وقصورها الرئاسية تحت غطاء حقوق الإنسان…
وكما الله عز وجل ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ﴾ فهذه الأدوات الوظيفية تتكشف حقيقتها في ثنايا أقوالهم ومواقفهم..
إن المحتل الغربي ومنذ أن أسقط الخلافة الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى بنى منظومة متكاملة بأدواتها الوظيفية على المستويين الرسمي والشعبي…
وقد استمرت هذه الأدوات في القيام بدورها الوظيفي منذ أن عقد القوميون العرب مؤتمرهم الأول في باريس عام 1913م (https://tinyurl.com/ybbfzo2a) ومنذ أن التحق الشريف حسين بالخندق البريطاني الفرنسي (انظر مقال : قرن على سايكس بيكو للمؤرخ يوجين روغان https://tinyurl.com/y72ng6hk ) إلى يومنا هذا لتدفع القوى الغربية بأدواتها الوظيفية من جديد لمواجهة الثورة العربية والنهضة التركية وليتم اختراقهما من الداخل كما فعلوا مع الخلافة العثمانية الإسلامية من قبل…
لقد وصل الأمر بهذه الأدوات الوظيفية إلى دعوة المحتل للتدخل في بلاد الحرمين بحجة مواجهة الاستبداد (انظر مقابلة الرئيس الفرنسي ماكرون للمعارض السعودي يحيى عسيري https://tinyurl.com/y75sloqc )…
لتكرر هذه الأدوات نكبة العراق مرة أخرى عندما احتلت أمريكا العراق عام 2003 بدعوى تحريره من الاستبداد ودخلت المعارضة الوظيفية كحزب الدعوة والحزب الإسلامي وغيرهما على ظهر الدبابة الأمريكية بعد التمهيد السياسي لهذا الاحتلال في مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002م الذي دعوا فيه المجتمع الدولي للتدخل في العراق تحت شعار من أجل إنقاذ العراق وتحقيق الديمقراطية (البيان الختامي لمؤتمر المعارضة العراقية https://tinyurl.com/y7zgpz9u )…
وفي سياق الحملة على بلاد الحرمين ظهرت دعوات من هذه الأدوات الوظيفية تحذر من خطر سياسة الرئيس أردوغان على الإرث الديمقراطي في تركيا وعلى دور العرب في أحداث المنطقة بزعمهم ليدقوا أسفين الفرقة بين العرب والترك من جديد، ويعيدوا بناء الجدار العازل بينهما، الذي أقامته الحملة الصليبية البريطانية الفرنسية، وهدمته الثورة العربية والنهضة التركية، ليحققوا للقوى الغربية سياسيا ما عجزت عنه عسكريا، وليقطعوا على الأمة وشعوبها وثورتها الطريق مرة أخرى، لتعود الأنظمة الوظيفية ثانية بثوب إسلامي ديمقراطي، ليبقى المحتل وقواعده العسكرية وجيوشه هي التي تحكم المنطقة وهو ما ثارت الأمة من أجل إنهائه، ولن يفلحوا بإذن الله!
﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾!
السبت 25 صفر 1440هـ 3 / 11 / 2018م
اترك تعليقًا