(لا خلافة في الدين، والحق أن الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة) الشيخ علي عبدالرازق كتاب “الإسلام وأصول الحكم” ص137 طبعة دار الكتاب المصري 2012م.
(فلا وجود في الإسلام المنزل -أي القرآن وصحيح السنة- لما يسميه البعض نظام الحكم الإسلامي أو نظام الخلافة الإسلامية) الدكتور أحمد الريسوني كتاب “فقه الثورة:مراجعات في الفقه السياسي الإسلامي” ص83 طبعة دار الكلمة 2013م.
لقد كانت الظروف السياسية عندما أعلن علي عبدالرازق هذا القول الخطير قبل قرن تتشابه إلى حد كبير مع الظروف السياسية اليوم والتي بدأ فيها من جديد الترويج لقوله بأنه لا خلافة في الإسلام من الشيخ الريسوني وغيره…
فقد أعلن علي عبدالرازق قوله بأنه (لا خلافة في الدين) بعد إلغاء أتاتورك للخلافة وفقا لشروط اللورد كرزون وزير خارجية بريطانيا آنذاك(انظر مذكرات الحاج أمين الحسيني ص212) لتقوم الحكومة التركية بترجمة كتاب عبدالرازق (الإسلام وأصول الحكم) إلى التركية لمواجهة دعاة الخلافة، في الوقت الذي روجت بريطانيا والأحزاب الوظيفية الموالية كحزب الأحرار الدستوريين لهذا الكتاب في مصر التي كانت تحت سيطرة بريطانيا ونفوذها…
وجاء كتاب الدكتور أحمد الريسوني (فقه الثورة)، والذي نشر في عام 2013م في سياق الثورة المضادة على الثورة العربية، متضمنا ردا على تساؤلات الشباب المصري حول الثورة ليعيد الريسوني فيه مقولة عبدالرازق بأنه لا خلافة في الإسلام ويخرجها إخراجا جديدا بما يناسب المشهد السياسي في وقت الذي تواجه فيه ثورة الأمة تآمر القوى الاستعمارية مع قوى الثورة المضادة ثوريا وسياسيا وفكريا…
فكما شرعن عبدالرازق بكتابه لإلغاء الخلافة التي أسقطتها بريطانيا وفرنسا، فقد مهد الريسوني في كتابه ومحاضراته باسم الواقعية للواقع السياسي الاستبدادي والقطري في العالم العربي الذي فرضه المحتل البريطاني والفرنسي بالأمس ويحميه المحتل الأمريكي والروسي اليوم، وقد صرح الريسوني بارتياحه لعزل الرئيس مرسي الذي كان حدثا مفصليا للثورة المضادة في العالم العربي …
فخطورة ما يطرحه الدكتور الريسوني وغيره هو عزل ثورة الأمة سياسيا وفكريا عن تراثها الفقهي وتاريخها السياسي وإفقاد الأمة هويتها وإضعاف روح التحرر من التبعية الفكرية والسياسية للنظام الغربي بمقولتهم البدعية هذه ودعوتهم بتبني الديموقراطية كنظام سياسي للحكم وإنكارهم للخلافة كنظام سياسي في الإسلام، لتصبح التبعية والذي تأنف منه الأمم الحرة مشروعة ببدعتهم الغربية هذه…
ولهذا تم فتح المنابر والمؤسسات والهيئات الرسمية والشعبية المدعومة من الأنظمة الوظيفية، لدعاة رافضي الخلافة كنظام سياسي لتعزيز شرعية هذا الواقع السياسي المستبد الذي أقامته الحملة الصليبية ولمواجهة ثورة الأمة وقواها الحرة باسم المقاصدية والوسطية تارة والواقعية تارة أخرى …
إن من السذاجة والسطحية النظر للقول بأنه لا خلافة في الإسلام ولا نظام سياسي بعيدا عن واقعنا السياسي وتأثيراته وتوظيف القوى الاستعمارية والأنظمة الوظيفية له ولدعاته، فالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي يرأسه الدكتور الريسوني تدعمه قطر بما هو مسموح به أمريكيا لاحتواء الثورة العربية وفقا للاتفاقيات الثلاث التي وقعتها قطر مع أمريكا لمكافحة التطرف https://tinyurl.com/ycusorq8 ، وقد ظهر أثر هذه التفاهمات في كثير من الأنشطة التي رعتها قطر في إطار السياسة الأمريكية في المنطقة لمواجهة التطرف والسلفية المقاومة لسياستها، فعقدت الندوة العالمية (السلفية: تحولاتها ومستقبلها) والتي أقامها منتدى العلاقات العربية والدولية
وعقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤتمر (الاصلاح والمصالحة) والذي تجاهل جدول أعماله بشكل تام الاحتلال الاجنبي الصليبي والدور الإيراني الصفوي في مواجهة ثورة الأمة ، وأخيرا أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في قطر لكتاب (في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟) لمديره المفكر القومي د عزمي بشارة https://tinyurl.com/yd5s8sy8 ، وغيرها الكثير من الأنشطة الفكرية والتي تأتي في إطار مواجهة السلفية التي تقاوم مشروع التغريب الذي تفرضه أمريكا على دول المنطقة العربية وجزيرة العرب خصوصا!
فمواجهة القول بأنه لا خلافة في الإسلام ولا نظام سياسي، والذي وصفه الشيخ محمد رشيد رضا بالبدعة الشيطانية في رده على علي عبدالرازق، وتعريته والتصدي له وكشف داعميه ومن يروجه ويشرعن له من أهم ما يجب أن يقوم به علماء الأمة ودعاتها اليوم لنصرة ثورة الأمة في معركتها الفكرية والسياسية والتي لا تقل خطورة عن المعارك العسكرية في ساحات الثورة العربية…
﴿لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ۗ﴾
سيف الهاجري
الخميس 7 ربيع الأول 1440هـ
15 / 11 / 2018
اترك تعليقًا