الانسحاب من سوريا وأفغانستان…والانهيار الأمريكي!

قبل الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي 2018م دعا الرئيس الأسبق أوباما أحد أبرز دعاة الليبرالية الشعب الأمريكي إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتصحيح المسار في واشنطن وذلك في ظل الصراع السياسي العميق الذي يواجه فيه التيار الأبيض اليميني المحافظ بقيادة ترامب التيار الليبرالي والتيار اليساري الإجتماعي…

لقد أدرك ترامب وتياره اليميني أن أمريكا بديونها وأعباء إلتزاماتها السياسية والعسكرية لم تعد قادرة على القيام بدورها الإمبراطوري كراعية للنظام الدولي الذي أنشأته وضمنته بقوتها العسكرية والإقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية، لذا سارع ترامب إلى تغيير السياسات الإقتصادية بالانسحاب من عدة اتفاقيات دولية والسياسات العسكرية بالانسحاب من #سوريا وأفغانستان لتتخلص أمريكا من هذه الإلتزامات والتي تقود أمريكا بنظر ترامب إلى الإفلاس والانهيار…

ولقد أحدثت سياسات إدارة ترامب هزة كبرى في كيان النظام الأمريكي والدولة العميقة فيها والتي وصفها الرئيس ترامب بالمستنقع في إحدى تغريدات (إنني أجفف المستنقع وهو يقاومنا ولكننا سننتصر)…

إن هذه التغيرات والتحولات الكبرى وهذا التراجع الأمريكي وإنتهاء الرأسمالية الليبرالية أصبح مما تدركها المراكز الاستراتيجية، وهذا ما تنبأ به روبرت غيلبين أحد العلماء الواقعيين البارزين في الاقتصاد السياسي الدولي فيما عرف بنبؤة غيلبين ( https://tinyurl.com/y8m5urra )

وفي عالمنا العربي والذي يشهد ثورة تاريخية هزت النظام الدولي لا زال يوجد من يدعو لليبرالية والعلمانية الديمقراطية والتي تشهد في عقر دارها من يكفر بها من التيار اليميني والشعبوي والذي يستند إلى الكتاب المقدس والكنيسة لإعادة بناء مجتمعاتهم وفق الثقافة المسيحية البيضاء والتعامل مع العالم وفق هذا المنظور العقائدي لتكون من أهم المحركات الأساسية للسياسات والمواقف الدولية…

ففي الغرب بدأت التيارات اليمينية المسيحية المحافظة تصل لمراكز السلطة بأجندتها المسيحية مع تحول الرأي العام الغربي نحو تأييد هذه التيارات كونها تعبر عن ثقافتها المسيحية وحماية مجتمعاتها من خطر الهجرة على ثقافتهم وحماية مصالحهم الإقتصادية التي يرون تضررها من السياسات الليبرالية التي جاءت بالعولمة والانفتاح مما هدد هوية المجتمعات الغربية ومصالحها في نظر الرأي العام المؤيد للتيارات اليمينية المتصاعدة…

وفي الشرق بدأت الأمة الإسلامية تعود إلى هويتها رويدا رويدا مع الثورة والتحرر من الاحتلال وبدأت الدعوة للحكم الراشد وعودة الخلافة تأخذ مكانها في أدبيات الثورة وقواها ويدور بين العلماء والدعاة نقاشات عميقة حول طبيعة النظام السياسي القادم الذي سيحكم الأمة بعد تحررها، والملاحظ هنا أن هناك شبه إجماع على نموذج الخلافة الراشدة والنقاش أصبح يتركز على كيفية إقامة هذا النموذج على أسس صحيحة ومتينة مع مراعاة واقع الأمة الذي تعيش فيه…

إذا فالعالم يعيش ملحمة تاريخية فجرتها الثورة العربية في وجه السيطرة الغربية الليبرالية المتعولمة وعلمانيتها الملحدة ووصل آثارها لعمق المجتمعات الغربية وهزت كيان وقواعد النظام الدولي الاستعماري ليشهد العالم في عقد منذ قيام الثورة ما لم يشهده منذ أربعة قرون بعد فتح القسطنطينية والذي أحدث هزة كبرى في قلب العالم المسيحي الغربي فجعلته على أثر هذا الفتح العظيم، وهذا من عجائب التاريخ، يعيد بناء أوربا من جديد فجاءت الكشوف الجغرافية والثورة الصناعية لتحدث الملحمة التاريخية حينها في تقدم الغرب المسيحي على الشرق الإسلامي وشن الغرب حملته الصليبية الأخيرة لإسقاط الخلافة في الحرب العالمية الأولى واحتلال العالم الإسلامي، وظن الغرب بأن التاريخ قد انتهى فإذا الأمة تنبعث من تحت رماد الاحتلال والاستبداد لتعلن ثورتها وتبدأ ملحمتها لتعيد التاريخ من جديد وإذا بالشام أرض الملاحم واسطنبول أرض الفتوحات تعودان من جديد كمركز للتحرر والمقاومة ليصدق فيهما ما ورد من أحاديث للنبي ﷺ من أحداث عظام وفتوحات على الأمة مرتبطة بهذه الأرض المباركة والمدينة العظيمة ليشهد العالم عودة الأمة بالثورة العربية والصعود التركي.

‏﴿الٓمٓ غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾

سيف الهاجري

الجمعة 14 ربيع الثاني 1440هـ

21 / 12 / 2018م

#معركة_التوحيد

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: