حرب أمريكا على تركيا منذ قرن ولم تنته بعد!
(أوربا تحاربنا حربا صليبية بزي آخر) الخليفة عبدالحميد الثاني
حذر المجاهد والزعيم المصري مصطفى كامل رحمه الله تركيا من عداوة أمريكا لها وللإسلام قبل قرن قائلا في مقاله “القناصل والمرسلون في الشرق” في مجلة اللواء بتاريخ 14 ديسمبر 1903 (وقد أبدينا فى غير مرة أن الولايات المتحدة جارت أوروبا فى عدوانها ونافستها فى حربها الصليبية كأنها ترى نفسها مدينة للمسيح بالأذى لدين نبينا الكريم، فأنشأت المدارس في أنحاء الدولة العلية -الخلافة العثمانية- لتلقن الناشئة المسيحية مبادىء التعصب الحديث وتملا رءوسهم بحوادث التاريخ والنزاع القائم من عصور خلت بين المسيحية والإسلام.
وهاهى تستعد فى هذه الأيام لحملة جديدة على تركيا…..ولسنا فى حاجة لأن نتنبأ بأنها ستبالغ في التهديد والوعيد، وأن صحف العالم المسيحي ستنتصر لها وتتهم تركيا بالهمجية)
وكأن مصطفى كامل رحمه الله يعيش بيننا اليوم ويرى التآمر الأمريكي على تركيا اليوم بهندستها لانقلاب 2016 العسكري ورعايتها وحمايتها لفتح الله غولن المتورط في هذا الانقلاب، وسعي أمريكا الدؤوب لمحاصرة تركيا وعزلها عن الثورة العربية بالنيتو العربي والمنظمات اليسارية الإرهابية بعد إعلان الرئيس الأمريكي ترامب بالإنسحاب من سوريا…
كما أن تحذير مصطفى كامل أيضا من خطر المدارس التبشيرية على الأمة ظهر أثره جليا على المشهد السياسي والفكري في العالم العربي وتركيا مع اصطفاف النخب الوظيفية السياسية والفكرية العلمانية والقومية واليسارية والليبرالية خريجي هذه المدارس والجامعات مع الثورة المضادة وأنظمة الاستبداد الوظيفي لتبقى الأمة وأوطانها تحت الاحتلال الصليبي والذي قاومه مصطفى كامل حتى استشهد…
لقد أصبحت هذه المؤسسات التعليمية التبشيرية والجامعات في بلدان الأمة مفرخة لأعداء الأمة ودينها وتخرج اليوم الأجيال الممسوخة من بني جلدتنا بقلوب غربية ليكونوا حزبا للقوى الاستعمارية بين أظهرنا وهذا ما وصى به نابليون بونابارت الجنرال كليبر في الحملة الفرنسية الصليبية على مصر ليخاطبهم وزير خارجية أمريكا بومبيو من منبر الجامعة الأمريكية -الكلية الأنجيلية سابقا- معلنا دعم أمريكا لهم في مواجهة الثورة العربية والتحرر التركي…
ينبغي لتركيا اليوم وهو تواجه هذا الحرب أن تدرك مدى عمق الهيمنة الغربية على العالم العربي وأنظمته ومؤسساته الرسمية والشعبية والتي تشكلت على مدى قرن تحت رعاية المحتل الغربي، فكما واجهت تركيا أحزاب وجماعات تركية اصطفت مع الغرب والذي تحالفت وتفاهمت معه لعقود فكذلك المشهد في العالم العربي لا يختلف كثيرا، وستواجه تركيا أحزابا وجماعات وظيفية لا تختلف كثيرا عن النيتو العربي…
إن الفساد السياسي وبرعاية القوى الاستعمارية أعمق مما يتصور، فقد ضرب بجذوره في أعماق المشهد السياسي والفكري، ولهذا فالثورة على الاحتلال والاستبداد وأدواتهما من أحزاب وجماعات هي الرهان الحقيقي للخروج من هذا الوضع البائس الذي تعيشه الأمة منذ سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية ووقوعها تحت الاحتلال الصليبي…
فكما وصف مصطفى كامل في مقاله في مجلة اللواء 1 أكتوبر 1903 “سفينة الإسلام” الخلافة العثمانية (بالبارجة الباقية من العز الإسلامي تتنازعها زوابع الغرب الراغب في القضاء عليها العامل لمحو آثار ركابها ورد أيا صوفيا للصليب وإزالة ذلك الهلال الآخذ بالابصار من شواطئ البوسفور) فتركيا اليوم هي نفسها تلك البارجة وتواجه اليوم نفس الأعداء الأمس، لكن مع قيام الثورة العربية فتح الله عز وجل الطريق للعرب وتركيا وشعوب الأمة للتحرر من الهيمنة الصليبية وإلى الأبد…
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا﴾
سيف الهاجري
الأربعاء 17 جمادى الأولى 1440هـ
23 / 1 / 2019م
اترك تعليقًا