بيير الجميل…وحقيقة الصراع وطبيعته!

بيير الجميل…وحقيقة الصراع وطبيعته!

في 21 / 8 / 1982م اجتمع وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون في بيروت مع رئيس حزب الكتائب الماروني بيير الجميل للتمهيد للعملية السياسية في لبنان بعد إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان ولإعداد بشير الجميل لرئاسة لبنان برعاية إسرائيلية…

وفي الاجتماع الذي نشرت محضره صحيفة الأخبار اللبنانية (https://tinyurl.com/yyn8j6ox) كشف بيير الجميل عن حقيقة الصراع في المنطقة وطبيعته العقائدية وامتداده التاريخي وقال مخاطبا شارون (إن الله أرسلكم إلينا…وصراعنا من أجل الاستقلال عمره 400 عام أعتقد أننا نجحنا في ذلك) ولم يذكر بيير الجميل هذا الرقم اعتباطا بل هو معبر عن بداية التواصل الماروني المسيحي مع القوى الاستعماري فرنسا وبريطانيا لمواجهة الخلافة العثمانية في إطار سياسة الغرب لدعم حركات التمرد في العالم العربي على الخلافة العثمانية وخاصة الأقليات الدينية كالموارنة والأرمن…

من يقرأ المحضر يدرك خطورة الاختراق الداخلي للقوى الاستعمارية بالأدوات الوظيفية من دول وأقليات وجماعات وأحزاب وظيفية ارتبطت بشكل عضوي بالمحتل الغربي…

فكما طار قلب بيير الجميل فرحا باحتلال إسرائيل للبنان فقلوب قادة الأنظمة والجماعات والأحزاب الوظيفية تعلقت بالنظام الدولي وقواه الاستعمارية حتى جعلته هو الحكم والمرجعية لقضايا الأمة وأزماتها…

فالدور الماروني المسيحي الوظيفي في لبنان وتعاونه مع المحتل الغربي والصهيوني لا يختلف عن تعاون الدولة الصفوية مع البرتغاليين والبريطانيين والجمهورية الإيرانية امتدادها المعاصر مع أمريكا في العراق ومع روسيا في سوريا ولا يختلف كذلك عن موقف النظام العربي والجماعات الوظيفية واصطفافها مع الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق وتفاهماتها السياسية مع المبادرات الدولية في دول الربيع العربي لاحتواء الثورة وإنهائها…

إن الصراع الأممي الذي يخوضه العرب والأتراك ضد القوى الغربية لا يخرج عن هذا البعد العقائدي والتاريخي الذي وصفه بيير الجميل وهو ما يستحضره قادة الغرب في مواقفهم وسياساتهم…

فالحرب التي تشنها أمريكا وأوربا وروسيا على الثورة العربية والنهضة التركية هي امتداد للحروب الصليبية في القرن الخامس الهجري وللحملة الصليبية البريطانية الفرنسية التي أسقطت الخلافة العثمانية الإسلامية في الحرب العالمية الأولى، وهو ما عبر عنه رئيس وزراء بريطانيا آنذاك لويد جورج عندما دخل الجنرال اللنبي القدس عام 1917م حين قال (تمكن العالم المسيحي من استرداد أماكنه المقدسة) حينها دقت كنائس دول أوربا أجراسها احتفالا باسترداد القدس بالرغم من الحرب العظمى بينها(رسائل شكيب أرسلان)…

فتاريخ وأحداث هذا الصراع بين الأمة وأعدائها متصلة منذ أن واجه النبي ﷺ وصحابته دولة الروم وأخرجوها من القدس والشام ومصر وشمال أفريقيا، واشتد هذا الصراع مع فتح السلطان محمد الفاتح العثماني للقسطنطينية عام 1453م عاصمة المسيحية في الشرق لتهتز أوربا وأركانها وتنتفض من جديد لتطلق حملاتها الصليبية المعاصرة لحصار بلاد الإسلام واحتلالها (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا – محمود شاكر)

وهذا الصراع وامتداده التاريخي هو مما أخبر به النبي ﷺ (الروم ذات القرون أصحاب بحر وصخر، كلما ذهب قرن خلف قرن مكانه، هيهات إلى آخر الدهر، هم أصحابكم) ولكن المنظومة السياسية والثقافية والفكرية التي صنعها المحتل الغربي منذ بداية الحملة الفرنسية على مصر 1798م والاحتلال البريطاني لمصر 1882م غيبت حقيقة هذا الصراع وجعلت المرجعية لهذه المنظومة الوظيفية بدولها وجماعاتها وأحزابها هو النظام الدولي بقوانينه وتشريعاته وديمقراطيته وليبراليته وعلمانيته لتقع الأمة في جاهلية معاصرة لا تخرج منها إلا بعودتها لدينها بهداه وبأحكامه وتشريعاته…

‏﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾

سيف الهاجري

الخميس 4 رمضان 1440هـ

9 / 5 / 2019م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: