حصان طروادة…في كل ساحة!
وصف المؤرخ البريطاني مالكوم ياب الواقع السياسي الذي واجهه المحتل البريطاني في مصر عام 1918 وبعد سقوط الخلافة وكأنه يصف واقعنا الذي نعيشه وما تواجهه الثورة العربية اليوم فقال:
(إن أيا من جماعات الإسلام التقليدي أو الطرق الصوفية لم تحاول تحدي الدولة وبقيت مصر بلدا مسلما تحكمه حكومة مسلمة وخدم الخديوي الاستعمار البريطاني على نحو كبير، ولم تواجه بريطانيا في مصر الخطر السياسي الذي يثير قلقهم وهو اندلاع ثورة إسلامية شعبية بل ساعدوا في ولادة ما بدأ يتنامى بعد 1918م…هو الحركة الوطنية المعاصرة…) “نشوء الشرق الأدنى الحديث 1792-1923م ص276 ت خالد الجبيلي”…
هكذا تعمل القوى الاستعمارية على خلق قوى وطنية وإسلامية وظيفية كما فعلت في مصر بدعمها لحزب الوفد الليبرالي ليتصدر المشهد السياسي في ثورة 1919م ليتم احتواء الثورة وباسمها ولتبقى مصر تحت الهيمنة البريطانية إلى عام 1956م، وحزب الوفد الليبرالي وغيره من الأحزاب الموالية لبريطانيا والقصر تشرعن لهذا الاحتلال والاستبداد باسم الشعب وثورة 1919، ولا زال مثل الأحزاب والجماعات تقوم بنفس الدور الوظيفي الذي تقوم منذ سقوط الخلافة…
فانظر حولك في وطنك وستجد جماعة أو حزبا كالوفد، سواء رفع شعارا ليبراليا أو إسلاميا، يمارس دور المعارض في أوقات السلم ودور الثائر في أوقات الثورة ويلبسون لكل حالة لبوسها بما يتماشى مع ما يتطلبه المشهد السياسي ليؤدي دوره الوظيفي الذي كلف به منذ نشأته…
إن للثورة العربية في التاريخ السياسي للجماعات والأحزاب الوظيفية لعبرة وعظة بليغة لقواها الحرة لئلا تنخدع بحصان طروادة القوى الدولية والثورة المضادة الذي اخترق حصون الثورة في كل ساحاتها وسلمها لأعدائها وباسم الثورة نفسها كما في مصر وتونس واليمن وليبيا فهل من مؤمن؟
((لا يُلْدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين))
الاثنين 7 شوال 1440هـ
10 / 6
اترك تعليقًا