ثورات وظيفية…لا حاجة لنا بها!
إن عودة الإسلام التي يخشاها الغرب وقواه الاستعمارية هي عودته للحكم بإقامة الدولة التي توحد الأمة وتقيم الشريعة بأصولها العقائدية وبأحكامها الشرعية الفقهية فهذا هو ما يخشاه الغرب…
وهذه الخشية هي التي تقف وراء شروط اللورد كرزون وزير خارجية بريطانيا والتي فرضها على تركيا بإلغاء الخلافة وإقصاء الشريعة…
وهذه الخشية هي التي تقف وراء الاستراتيجية الغربية الثابتة بإبقاء العالم الإسلامي وخاصة العربي مجزأ ومقسم، وبقيت هذه الإستراتيجية هي الثابت الوحيد في السياسية الغربية في المنطقة مهما تغيرت القوى والأنظمة في الغرب…
فعندما كانت بريطانيا وفرنسا هما المسيطرتان على العالم العربي بعد الحرب العالمية الأولى جاءت اتفاقية سايكس بيكو وقسمت المنطقة، وعندما تراجع نفوذهما وتقدمت أمريكا وروسيا مكانهما بعد الحرب العالمية الثانية أقاموا الكيان الصهيوني وكانا أول من اعترف به لتعميق التجزئة وترسيخ الهيمنة…
فالقوى الغربية لا يهمها قيام الناس بشعائر الدين، فهي تمنح المسلمين في بلدانها حق العبادة وبناء المساجد وهي وفقا للقواعد النظام الدولي وقوانينه من تؤمن طريق المواصلات البحرية والجوية لقوافل الحج…
واستمر هذا الحال لقرن من الزمان ولكن مع قيام الثورة العربية اشتد هاجس الخوف والخشية عند القوى الغربية من تحرر الأمة وشعوبها وعودة الإسلام ليحكم من جديد وهي التي تآمرت لقرون من أجل إسقاط الخلافة وحكم الإسلام، لتأتي هذه الثورة ترفع شعار الحرية والذي ترفعه كل شعوب الأرض، لكن القوى الغربية ترى ما لا ترى الشعوب الثائرة نفسها، فهي برؤيتها لمدى عمق التحول التاريخي الذي بدأت تحدثه هذه الثورة وفتحها الطريق لعودة الإسلام إلى السلطة والحكم حالها كحال الشيطان في يوم بدر وهو يدفع قريش لقتال النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه فلما رأى الملائكة نازلت لنصرة النبي وأصحابه علم أن مسار المعركة قد تحول وأسقط بيده ففر ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ ﴾…
فسارعت القوى الغربية بإرسال مبعوثيها الدوليين وسفرائها لاحتواء الثورة في العالم العربي وآخرهم اليوم المبعوث الأمريكي يحط رحاله في السودان لترتيب المشهد فيها كما رتبوه من قبل في تونس ومصر…
إن أسوأ ما في هذا المشهد الثوري هو هذه الأدوات الوظيفية من أنظمة وجماعات وأحزاب وقوى والتي تقدم للغرب خدمة تاريخية لإسقاط الثورة العربية واحتوائها باسم الثورة نفسها كما فعل أسلافهم من قبل الذي تحالفوا مع بريطانيا وفرنسا لإسقاط الخلافة باسم الثورة العربية الكبرى…
إن الثورة العربية بحاجة لإعادة توجيه بوصلتها من جديد بعيدا عن هذه الجماعات والأحزاب الوظيفية وخط طريق ثالث جديد يعبر عن الإسلام وخطابه السياسي النبوي والراشدي ليوحد الأمة من جديد ويحكمها باسم الإسلام لا باسم الديموقراطية أو الليبرالية أو اليسارية، أما غير هذا فالشعائر والعبادات تقام وبرعاية الأنظمة نفسها، ولا حاجة لنا بثورة يقودها العلماني الليبرالي واليساري الشيوعي والإسلامي الوظيفي وكل ما تقدمه للأمة هو تحسين شروط العبودية للنظام الدولي على حساب دماء شعوب أمتنا وتضحياتها…
فهؤلاء هم من حذرنا الله منهم…
﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾
سيف الهاجري
الجمعة 11 شوال 1440هـ
14 / 6 / 2019م
#معركة_التوحيد
اترك تعليقًا