التطبيع والمقاومة…الشعارات الخداعة!
سيف الهاجري
الأمين العام لحزب الأمة-الكويت
لم يكد يمر يوم على إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن التطبيع الإسرائيلي الإماراتي حتى انكشف زيف هذا التطبيع وحقيقته والذي لا يمت بأي صلة بالقضية الفلسطينية، فعنوانه فلسطين وهدفه وغاياته مكان آخر!
ففي الوقت الذي تم إشغال الرأي العام في المنطقة بالتطبيع الإسرائيلي الإماراتي، وكأنه يحدث لأول مرة، كانت أمريكا تعد المنطقة لترتيبات سياسية جديدة لمواجهة الخطر الحقيقي على نفوذها وهيمنتها في العالم العربي!
فأمريكا وأوربا تعدان ثورة الربيع العربي وتقدم تركيا في العالم العربي والبحر المتوسط هما الخطر الحقيقي وهو ما يجب مواجهته وحصاره وتدميره إن أمكن!
لذا وبعيدا عن الأضواء توافقت الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن على عدم تمديد حظر السلاح على إيران تمهيدا لدور وظيفي جديد لإيران ومليشياتها الطائفية في المنطقة والخليج العربي لمواجهة أي موجة قادمة للربيع العربي، وقد بدأ انكشاف هذا الدور الجديد بعد حادث تفجير بيروت بتأكيد الرئيس الفرنسي ماكرون للرئيس الأمريكي ترامب بأن العقوبات الأمريكية على حزب الله تأتي بنتائج عكسية!
وفي نفس الوقت الذي بدأت فرنسا بإرسال قواتها للبنان بدأت أمريكا بإقامة قواعد عسكرية جديدة في اليونان بالمقربة من حدود تركيا!
فأمريكا وأوربا وإسرائيل والنظامان العربي الوظيفي والإيراني الطائفي منذ قيام ثورة الربيع العربي وهم جميعا في حالة استنفار وهلع منها وما كادوا يصدقون بأن الثورة المضادة قد حققت أهدافها حتى دخلت تركيا على خط الأحداث بشكل مباشر لتحطمها في ليبيا وكانوا قد ظنوا أنهم قد نجحوا في حصارها واحتوائها!
وهذا ما جعل جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي الأسبق والمرشح الرئاسي يدعو إلى (ضرورة جمع حلفاء أمريكا في المنطقة للعمل على مواجهة أردوغان داخليا وإسقاطه وعزل تركيا وإنهاء أنشطتها في المنطقة وبالأخص في البحر المتوسط)!
فتركيا بنهضتها السياسية والإقتصادية والصناعية وبتاريخها الإسلامي العريق ودورها التاريخي في مواجهة الأخطار التي تهدد الأمة منذ ألف عام هي الخطر الحقيقي الأن – في نظر القوى الصليبية – على الهيمنة الغربية على منطقة الشرق الأوسط قلب العالم والنظام الدولي!
فالقوى الغربية لم تنس الدور التركي التاريخي في حماية الإسلام منذ الحملات الصليبية الأولى وعودته اليوم لمواجهة الحملة الصليبية المعاصرة ومشاريعها الوظيفية الصهيونية والعربية والصفوية في المنطقة بعد قرن من سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية!
ولذا فكل ما نراه من تطبيع بين النظام العربي والكيان الصهيوني وتفاهمات إقليمية بين القوى الغربية وإيران لا تخرج عن هذا السياق على الأقل في الوقت الراهن!
ومع أن هذا لا ينفي المخطط اليهودي الصهيوني للتغلغل في الخليج والجزيرة العربية بأسبابه التاريخية العقائدية والسياسية الإقتصادية إلا أن الدور الصهيوني هنا يظل وظيفيا بإمتياز حاله كحال النظام العربي والنظام الإيراني مهما بدت أدوارهم الوظيفية في المنطقة متقاطعة وأظهرت العداء بعضها لبعض إلا أنها منضبطة تحت الإطار الاستراتيجي للقوى الصليبية الغربية!
لقد انكشف من جديد حقيقة الصراع في المنطقة بأبعاده الدينية والتاريخية من كونها ثورة شعب على نظام هنا وهناك إلى صراع بين الأمة وأعدائها التاريخية وبنفس أدواتهم سواء الإيرانية الطائفية منذ التحالف الصفوي البرتغالي أو العربية الوظيفية منذ التحالف القومي العربي البريطاني الفرنسي لمواجهة الخلافة العثمانية وإسقاطها فالتاريخ لا يزال مستمرا ولم ينته بعد كما يزعم فوكوياما والحرب سجال!
﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ﴾
الأحد ٢٦ ذو الحجة ١٤٤١هـ
١٦ / ٨ / ٢٠٢٠م
اترك تعليقًا