تركيا…والشرق الأوسط الجديد!

تركيا…والشرق الأوسط الجديد!

سيف الهاجري
الأمين العام لحزب الأمة – الكويت

(على مدى قرون سادت فرضية عند القوى الأوربية بأن مصير الشرق الأوسط بعد انتهاء الخلافة العثمانية ستقرره أوربا) المؤرخ ديفيد فرومكين.

هذا ما حدث بعد سقوط الخلافة العثمانية فأصبح الشرق الأوسط تحت الاحتلال الغربي وقسمته اتفاقيات سايكس بيكو وفرساي ولوزان بين القوى الأوربية ليتحقق حلمها الصليبي.
وبعد قرن من تشكل الشرق الأوسط بمنظومته السياسية على أنقاض الخلافة العثمانية ورزوح شعوب الأمة تحت نير الاحتلال والاستبداد والظلم ونهب الثروات بدأت الروح تدب من جديد في شعوب الأمة مع قيام ثورة الربيع العربي في الوقت الذي وصلت فيه تركيا مستوى من التحرر والنهضة ما جعلها ظهيرا للشعوب العربية وثورتها.
وهذا ما أثار الرعب عند قوى النظام الدولي وهي ترى تقدم تركيا في سوريا وليبيا والعراق والصومال ، وخوفها من امتداد تقدم تركيا لساحات أخرى مرشحة للثورة في أية لحظة.
فأوربا تعتبر الأتراك منذ دخولهم كقوة سياسية وعسكرية منذ عهد السلاجقة والمماليك والعثمانيين العدو الأخطر للمسيحية وأصبحت مهمة الحركة الصليبية مواجهة قوة الأتراك العثمانيين الصاعدة (السلام الصليبي توماس ماستناك ص401)، ولا زال هذا الهاجس هو الذي يحكم سياسة القوى الصليبية تجاه تركيا كدولة وشعب، وهو ما عبر عنه الرئيس الفرنسي ماكرون في تحذيره تركيا بعد دخولها ليبيا لحمايتها من مليشيات حفتر المدعوم من فرنسا وأمريكا.
لقد أرادت أمريكا باحتلالها للعراق عام 2003م تنفيذ مشروع (الشرق الأوسط الجديد)، إلا أن الأحداث انقلبت رأسا على عقب بعد نجاح المقاومة العراق في هزيمتها عسكريا وانكشاف النظام العربي الوظيفي المساند للاحتلال وحملة بوش الصليبية.
واليوم نفس القوى الصليبية والأدوات الوظيفية التي أسقطت الخلافة العثمانية وواجهت ثورات 1919 في مصر و1920 في العراق و1925 في سوريا وعمر المختار في ليبيا وعبدالكريم الخطابي في المغرب واحتلت العراق 2003 تعود من جديد لمواجهة الثورة العربية في كل ساحاتها بالانقلابات والثورة المضادة ومواجهة تركيا وحصارها وضربها من الداخل سياسيا وإقتصاديا لعزلها عن العالم العربي الثائر.
فالشرق الأوسط حضاريا وسياسيا وجغرافيا هو أرض الصراع بين الأمة والقوى الصليبية منذ أول معركة بينهما في مؤتة عام 8 للهجرة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام.
واليوم تقوم الشعوب العربية بثورتها وربيعها وتركيا بتحررها ونهضتها بالتقدم والتنسيق معا لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد على أنقاض الشرق الأوسط القديم وعصره المظلم من المحيط إلى الخليج متحررا من الاحتلال الصليبي الغربي ومحققا حلم الأمة في السيادة والوحدة والنهضة.

﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾

الأحد
7 ذو القعدة 1441هـ
28 / 6 / 2020م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: