معركة ليبيا…وهزيمة فرنسا!
سيف الهاجري
الأمين العام لحزب الأمة – الكويت
(تركيا أنهت الحلم الفرنسي في ليبيا)
وكالة بلومبيرج
تعيش فرنسا – مهد الحروب الصليبية – اليوم كابوسا مرعبا وهي ترى إمبراطوريتها وحلمها الاستعماري يتهاوى في البحر المتوسط وأفريقيا مع تقدم تركيا لنصرة الشعب الليبي الذي يواجه الجنرال حفتر رجل فرنسا والثورة المضادة والذي كاد أن يدخل طرابلس وينهي الثورة لولا النصرة التركية.
فالحلم الفرنسي االاستعماري الذي أطلقه نابليون بونابرت في حملته الصليبية على مصر عام 1798 وإنطلقت بعدها الجيوش الفرنسية الاستعمارية لتغزو أفريقيا وتستعمرها وتنهب ثروتها إلى اليوم مما جعلها ضمن الدول السبع الكبرى إقتصاديا ولولا ثروات مستعمراتها الأفريقية لتراجع وزنها الإقتصادي والسياسي لتصبح ضمن الدول المتوسطة على حد تعبير وزير خارجية إيطاليا دي مايو!
ولقد بدأت تداعيات الهزيمة الفرنسية في ليبيا تؤثر على النفوذ الفرنسي في أفريقيا وخاصة في دول الساحل وجنوب الصحراء الكبرى، ففي مالي بدأ الشعب بحراك شعبي ضخم يدعو لرحيل الرئيس كيتا رجل فرنسا، وقامت النيجر بتلقي دعم تركيا سياسيا وإقتصاديا وعسكريا وإقامة قواعد عسكرية ضمن إتفاقيات ومعاهدات بين البلدين، وستعمل تركيا على إخراج الاستعمار الفرنسي من المنطقة كلها كما واضح في تقدم تركيا السياسي والإقتصادي والعسكري في المنطقة!
فمعركة ليبيا وثورتها ودخول تركيا البحر المتوسط وأفريقيا فتح الباب أمام شعوب الأمة في الجزائر والمغرب وموريتانيا وتشاد وأفريقيا الوسطى والسنغال وغيرها من الدول لتتحرر من الهيمنة الاستعمارية الفرنسية البغيضة ولتعود الشعوب حرة في إرادتها وسيادتها من جديد كما كانت في عهد الخلافة العثمانية.
إن هجوم الرئيس ماكرون والإعلام الفرنسي على تركيا لم يأت إلا بعدما اصطفت تركيا في خندق الأمة وثورتها ونصرتها لشعوب الأمة المستضعفة في أفريقيا على وجه الخصوص، وأصبحت تركيا الدولة المركزية التي تقف وراء الأمة وشعوبها وتلتف حولها لمواجهة الحملة الصليبية الجديدة وأدواتها الوظيفية في كل الساحات، وهو ما حذر منه اللورد كرزون عندما فرضت بريطانيا وفرنسا شروطهما في مؤتمر لوزان لإلغاء الخلافة وإقصاء الشريعة وفرض العلمانية ليتقاسموا بينهم ولاياتها كمستعمرات ومحميات.
فهزيمة فرنسا في ليبيا هي هزيمة لركن من أركان النظام الدولي الغربي وسيكون له تداعياته الكبيرة على النظام الدولي كون فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تحاول مواجهة الثورة وتركيا في ليبيا وأفريقيا خاصة في ظل التراجع الأمريكي والانكفاء البريطاني وعجزهم السياسي والإقتصادي في إطلاق حملة جديدة بعد فشل حملة الثورة المضادة واستنزافها في ساحات الثورة!
وبالرغم من النصر في ليبيا فإنه يظل انتصار في معركة من معارك الثورة العربية والتي لا تزال حربها مستمرة وستدخل طور جديد بعد إكتمال تحرر تركيا سياسيا بعد فتح آيا صوفيا ودخولها على خط الثورة والتحرير الذي تخوضه الأمة وشعوبها، وسيتغير وجه معركة الثورة وستصبح أكثر عمقا وأكبر تأثيرا وتقدما في كل ساحاتها.
وهنا ينبغي لقوى الثورة وفصائلها المجاهدة أن تطور من أدائها لتكون على مستوى الأحداث الكبرى والمتغيرات السياسية على المستوى الدولي والإقليمي ولتصبح أكثر فاعلية وتمثيلا حقيقيا للثورة وأهدافها.
فمعركة الثورة ملحمة تاريخية كبرى ولن يتصدى لها إلا شعوب الأمة ومجموعها، وهذا هو ما يرعب العدو الصليبي ويهدم أركان نظامه الدولي وأما الفصائلية والقوى المتناثرة هنا وهناك فلن تكون قادرة على تحرير الشعوب ولن يحسب لها العدو حسابا وستصبح عبئا على الأمة وثورتها، وكما قال زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي (إن الجماعات والفصائل المقاومة لنا لن تكون خطرا على مصالحنا ونفوذنا ما لم تقم دولة مركزية يلتفون حولها)!
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾
الأحد ٥ ذو القعدة ١٤٤١هـ
الموافق ٢٦ / ٧ / ٢٠٢٠م
اترك تعليقًا