العراق…وانهيار الإمبراطوريات!

العراق…وانهيار الإمبراطوريات!

سيف الهاجري
الأمين العام لحزب الأمة – الكويت

ما بين دخول الجنرال البريطاني المحتل عام ١٩١٦ إلى دخول الجنرال الأمريكي المحتل عام ٢٠٠٣ والعراق لم يخرج من دوامة الاحتلال والاستبداد والفساد في عهديه الملكي والجمهوري !
فهذا الاستاذ سعيد الحاج ثابت النائب في البرلماني في العهد الملكي في رسالة له إلى نبيه العظمة في ١٣ / ٤ / ١٩٣٢م يبين أحوال العراق السياسية ويقول رحمه الله (ليس لدينا ما يهم سوى اضطهاد الحريات والتضييق على الأحزاب المعارضة وتعطيل الصحف الحرة ونفي المخلصين وامتهان القوانين إلخ من جانب هذه الحكومة (المستقلة) ومن جهة أخرى تذر الرماد على الأعين بإقامة المهرجانات والمؤتمرات والحفلات بمناسبة ما يسمونه بالمعرض كأنما البلاد في رخاء وارتياح والحال أن الأمة أصبحت على شفى جرف من جراء هذه السياسة الهوجاء وإرهاقها بالمعاهدات الجائرة والاتفاقيات المرهقة والقوانين الاستعمارية وامتصاص ثروة البلاد حتى أصبح الشعب ولا رمق فيه والبلاد تأن من الفقر وهم فرحين بما أوتوا ولو أردنا شرح ذلك لطال بنا المقام) “الرعيل العربي الأول -خيرية قاسمية ص٢٢٤”.
وكأنه رحمه الله يصف المشهد السياسي في العراق اليوم وإن كان لم يتوقع يوما وهو العروبي الوحدوي أن المشهد السياسي العراقي سيهيمن عليه بعد قرن أحزاب طائفية شيعية شعوبية وبرعاية محتل آخر!
فالعراق بتاريخه العريق في الإسلام ظل محورا أساسيا من محاور تحرر الأمة من الاحتلال الصليبي والاستبداد الوظيفي.
فمقاومة الشعب العراقي للمحتل البريطاني في ثورة العشرين كانت من أهم أسباب انهيار وتراجع الإمبراطورية البريطانية آنذاك، حيث ألهمت ثورة العشرين الشعوب المستعمرة للثورة على بريطانيا والتي واجهت موجة تحرر من الاستعمار البريطاني استمرت إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وبعد قرن من ثورة العشرين عاد الشعب العراقي ليواجه الغازي الأمريكي عام ٢٠٠٣ في حملة بوش الصليبية لتنطلق المقاومة العراقية والتي فاجأت بسرعة انطلاقها وانتشارها جنرالات الجيش الأمريكي الذين ظنوا أنهم بدعوى تحرير الشعب العراق من نظامه المستبد سيستقبلهم بالورود!
واستطاعت المقاومة العراقية أن تحطم مشروع بوش وأحلام المحافظين الجدد ببناء (الشرق الأوسط الجديد) انطلاقا من العراق!
فأمريكا تدفع سياسيا وإقتصاديا اليوم ثمن تكلفة حملتها الصليبية على العراق والتي تعادل ٤ تريليون دولار وفقا لإحصائيات مشروع تكاليف الحرب لمعهد واتسون للدراسات الدولية في جامعة براون الأمريكية.
وما نشاهده اليوم من تراجع الإمبراطورية الأمريكية وانسحابها من المنطقة كما أعلن ذلك الرئيس ترامب ما هو إلا نتيجة طبيعية للهزيمة العسكرية في العراق.
لقد شرف الله العراق وأهله بحملهم لواء الخلافة ورايات الفتوحات الكبرى الإسلامية في المشرق وسيظل هذا هو قدر العراق، وسنرى كيف يعود العراق من جديد منطلقا للتحرر من الاحتلال والاستبداد بالرغم ما نشاهده من علو طائفي وظيفي في بغداد!

السبت ١٠ محرم ١٤٤٢هـ
٢٩ / ٨ / ٢٠٢٠م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: