كفى… عن أي مقاومة تتحدثون؟

كفى… عن أي مقاومة تتحدثون؟

سيف الهاجري
الأمين العام لحزب الأمة – الكويت

في عالمنا العربي نخب وظيفية في كل دولة عربية لا نظير لها في تلبسها لدورها كرجال دولة أو رجال معارضة تتصدى لكل القضايا التي تواجهها الدول العربية والكل يؤمن بأن دولته مستقلة حرة لها دستور وعلم وسلطة!
ومن يشاهدهم ويسمعهم أو يقرأ لهم يكاد يقع في حبائل تنويمهم المغناطيسي كل من لم يعرف حقيقة نشأة هذه الدول والتي قال عنها تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في مذكراته (العرب مدينون لبريطانيا في وجودهم كدول فنحن خلقنا هذه الدول) ويحتفلون في كل عام بالاستقلال عن بريطانيا التي أوجدت دولهم!
وعلى مدى قرن لم تكتف بريطانيا بإنشاء طبقة حاكمة تدير هذه الدول التي اخترعها تشرشل في مؤتمر القاهرة عام ١٩٢١م وإنما أنشأت معها نخبا فكرية وثقافية ترعرعت في أحضان المدارس والجامعات التي وضع مناهجها وأنظمتها المبشر دانلوب الذي عينه المندوب السامي اللورد كتشنر مسئولا عن التعليم في مصر، لتصبح سياساته التعليمية والثقافية هي المهيمنة على التعليم والثقافة في المشرق العربي إلى اليوم!
وظل العالم العربي على مدى نصف قرن في غيبة وتيه يقوده فكريا وثقافيا نخب قومية ويسارية تحت شعار مقاومة الاستعمار والتحرر والاستقلال!
وفي النصف الثاني من القرن العشرين ما بعد مرحلة القومية واليسار جاءت مرحلة كامب ديفيد لتفتح الطريق لنخب وظيفية جديدة بشعارات إسلامية لتستكمل الدور القومي واليساري في حماية الدولة الوظيفية وبنفس الإسلوب لكن بوجه فكري وثقافي إسلامي!
وكلا هذه النخب القومية اليسارية والإسلامية، وبالرغم من تنافسهم السياسي وصراعهم الفكري والثقافي، إلا أنهم ملتزمون بالقواعد السياسية التي وضعتها القوى الدولية لعالمنا العربي منذ سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى وإلى اليوم.
وبعد قرن من التيه والتوظيف كشفت ثورة الربيع العربي هذا المشهد البائس وهذه المنظومة الوظيفية ونخبها والتي سارعت إلى ركوب موجة الثورة الأولى بتوجيه ورعاية من غرفة العمليات الدولية المشتركة لمواجهة الربيع العربي!
وبعد أن كان ما كان أصبحت الصفوف في المشهد العربي أكثر تمايزا وانكشافا، فالنظام العربي سقطت مشروعيته ومشروعية مؤسساته بعد الجرائم التي ارتكبت بحق الشعوب والحروب التي تشنها جيوشه على شعوبه المسالمة والمطالبة بالحرية!
والجماعات والتيارات قومية ويسارية وإسلامية تصدعت وانكشف دورها الوظيفي باصطفاف بعضها مع النظام العربي ورفضها للثورات، والبعض الآخر من هذه الجماعات والحركات اصطف مع إيران ومشروعها الصفوي تحت شعار المقاومة مع الحملة الصليبية!
فما تواجهه الأمة اليوم في العالم العربي هو تحالف تاريخي عمره مائة عام بين أنظمة وجماعات ونخب وظيفية برعاية القوى الصليبية المحتلة للعالم العربي منذ سقوط الخلافة!
فكل هذا البكاء على الدولة القطرية الوطنية والديمقراطية الوهمية ليس إلا خداعا لشعوب الأمة وإلا فما الذي جنته الشعوب من استبداد يرعاه احتلال؟
ولم يكتفوا بذلك بل وصل خداع هذه النخب الوظيفية للشعوب الثائرة إلى حد إتخاذ تحرير القدس والمسجد الأقصى شعارا يمهد للمشروع الإيراني الصفوي ليخترق الأمة في قلبها لتمزيقها بالحروب الطائفية تحت هذا الشعار خدمة لأمريكا ومشروعها الصهيوني!

‏﴿وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾

الثلاثاء ١٣ جمادى الآخرة ١٤٤٢م
٢٦ / ١ / ٢٠٢١م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع على الويب أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: