(لا يُلْدَغُ المؤمِنُ من جُحْرٍ مَرَّتيْنِ)
بعد أن رفعت الشعوب الثائرة الشعارات في تظاهرات الربيع العربي تطالب بتطبيق مبادئ الحرية وحقوق الإنسان على الأقل كما هو منصوص في دساتير دولها رأت وهي في ميادين الثورة كيف أن المبادئ الدستورية من سيادة واستقلال وديموقراطية ليست سوى وهم وحبر على ورق، ورأت الشعوب كيف كشفت ثورتها مع سلميتها (تلك المحالفة الطبيعية..والمصلحة المشتركة بين المحتلين والمستغلين..وأن الطغاة والمستغلين لا يطيقون أن ينزلوا عن القليل مما مردوا عليه من طغيان واستغلال وهم يدركون جيدا أن الاستعمار هو سندهم الطبعي وأنه هو الذي خلقهم وأنشأهم ومنحهم النفوذ والثراء) “سيد قطب: السلام العالمي والإسلام ص171 ط1عام1951”.
ومع هذا الانكشاف للنظام العربي ومنظومته ومؤسساته الرسمية وأدواته الشعبية من جماعات وأحزاب وظيفية أمام ثورة الربيع العربي سارعت القوى الصليبية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام العربي الوظيفي الرسمي والشعبي فأطلقت إدارة بايدن حملة سياسية جديدة في العالم العربي ترفع من جديد شعارات الحكم المدني والديمقراطية وسيادة القانون بإشراف مباشر إما من مبعوث دولي كما في ليبيا وسوريا واليمن أو مبعوث خاص كالأمريكي في السودان، واستعادة السفارات الأمريكية والأوربية دورها المباشر في الدول لتنفيذ هذه الترتيبات السياسية الغربية للعالم العربي،
وشارك في هذه الترتيبات السياسية بدور وظيفي شعبي الحركة الإسلامية والقوى اليسارية في العالم العربي وفتح لهم النظام العربي من جديد الطريق لإعادة ضبط الساحات الثورية والشعبية برعاية من إدارة بايدن التي أعادت الروح لنشاطهم السياسي بعد سنوات ترامب العجاف!
وأصبحت الدعوة للحكم المدني والديموقراطية عنوانا للمرحلة الوظيفية المقبلة لتحقيق خطة إدارة بايدن السياسية في العالم العربي والتي تهدف إلى:
•إنهاء الثورة وإعادة تأهيل النظام العربي.
•تجييش العالم العربي خلف السياسية الأمريكية لمواجهة الصين كما فعلوا مع الاتحاد السوفيتي من قبل.
•محاصرة تركيا وقطع تواصلها السياسي والشعبي مع العالم العربي.
•إحكام السيطرة على النفط والغاز العربي واسترجاع الثروات المنهوبة بسبب الفساد الداخلي لدعم خطة بايدن في بناء البنية التحتية الأمريكية ومواجهة الأزمة الإقتصادية.
وهنا عاد دعاة الكتلة الغربية ومعسكر الديمقراطية، كما وصفهم سيد قطب رحمه الله في كتاب (السلام العالمي والإسلام ص١٧٠ ط١)، يدعون للاصطفاف مع هذا المعسكر الصليبي باسم الديمقراطية والحكم المدني ويريدون من شعوب الأمة أن تلدغ من جحر القوى الصليبية مرة رابعة بإنهاء الثورة ومواجهة الصين بعد أن لدغت في الأولى بإسقاط الخلافة في الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٨ بوعود بريطانيا بالخلافة العربية، ولدغت ثانية بتوظيف العالم العربي لمواجهة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية لتتحرر فرنسا ويبقى العالم العربي مستعمرا، ولدغت ثالثة بتجييش العالم الإسلامي والعربي لمواجهة الاتحاد السوفيتي وإسقاطه لتنفرد أمريكا بالهيمنة والسيطرة على العالم العربي!
﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾
الأحد 27 جمادى الآخرة ١٤٤٣هـ
الموافق ٣٠ / ١ / ٢٠٢٢م
اترك تعليقًا