باكستان والجماعات…والانكشاف الأخير!

لن نستغرب في العالم العربي إذا تفاجأ الشعب الباكستاني بوقوف الجماعات الإسلامية مع الانقلاب السياسي المدعوم أمريكيا على حكومة عمران خان المنتخبة، فهذا الموقف للجماعات الإسلامية الوظيفية تكرر في العالم العربي من الخليج إلى المحيط باصطفافها مع النظام العربي واحتواء الربيع العربي وكل حراك شعبي للشعوب!
فالجامع المشترك والمحدد لمواقف هذه الجماعات الإسلامية سواء في العالم العربي أو باكستان أو تركيا هو أنها تمارس دورها السياسي الوظيفي في بلدانها برعاية أمريكية أوربية بما يتوافق مع قواعد النظام الدولي ومرجعيته!
وقد كشفت أحداث الربيع العربي وانقلاب تركيا بكل وضوح للشعوب هذه الأدوار الوظيفي للجماعات الإسلامية، لترى شعوبنا بأن أكبر جماعتين في العالم الإسلامي قيادتهما في عواصم الغرب الصليبي وهما التنظيم الدولي في لندن وجماعة غولن التركية في بنسلفانيا!
وهذا ما يفسر اصطفاف أحزاب الحركة الإسلامية سواء مع المحتل الأمريكي في العراق كالحزب الإسلامي وفي أفغانستان كالاتحاد الإسلامي الأفغاني !
أو اصطفافها مع النظام العربي لعقود ضد أي حراك شعبي كما في مصر وتفاهم الحركة الإسلامية مع نظام مبارك سياسيا ومواجهة التيارات الجهادية ثم تفاهمها مع المجلس العسكري بعد ثورة ٢٥ يناير برعاية السفيرة الأمريكية آن باترسون، وفي الجزائر وقفت حركة مجتمع السلم حمس برئاسة محفوظ نحناح مع الانقلاب العسكري عام ١٩٩٢، وفي السودان وقفت الحركة الإسلامية برئاسة حسن الترابي مع انقلاب البشير على النظام المنتخب، وفي تونس عقدت حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي صفقة سياسية في ١٥ اغسطس ٢٠١٣ في باريس مع السبسي رئيس حزب نداء تونس برعاية فرنسية أمريكية مهدت الطريق للسبسي رجل نظام بن علي ليصبح رئيسا لتونس، وفي اليمن تحالف حزب التجمع اليمني للإصلاح مع نظام علي صالح لعقود وعندما ثار الشعب عليه التحقوا بالثورة ومهدوا الطريق لإحتوائها سياسيا من خلال المبادرة الخليجية التي أخرجت الثورة من المشهد وسلمت السلطة لحركة الحوثي الطائفية، وفي المغرب واجه القصر حراك ٢٠ فبراير بفتح الطريق السياسي لحزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة ليحتوي هذا الحراك واستمر في دوره الوظيفي هذا حتى وقع رئيسه سعد الدين العثماني اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي ليبيا شارك حزب العدالة والبناء في اتفاق الصخيرات الذي وضع ليبيا تحت وصاية المبعوث الدولي!
واليوم تواجه باكستان ما واجهته الأمة في كل ساحات الثورة والتحرير من توظيف القوى الصليبية أمريكا وأوربا للقوى والجماعات الإسلامية لتقوم بدور سياسي وشعبي داعم لأي انقلاب أو تغيير سياسي يحتوى به أي ثورة أو حراك شعبي أو إسقاط حكومة تسعى لاستقلال قرارها السياسي عن الهيمنة الأجنبية كحكومة عمران خان.
ولذا بعد هذا فمن السذاجة والغفلة القاتلة قبول هذه الجماعات الوظيفية كجزء من أي ثورة أو حراك، فأحداث الربيع العربي وباكستان وتركيا أثبتت أن هذه الجماعات هي جزء من المنظومة الوظيفية الحاكمة والأخطر أنها برعاية القوى الصليبية اتفاقية كامب ديفيد عام ١٩٧٨م!
وللأسف هذا هو الواقع السياسي الذي نعيشه بالرغم من فضل ومكانة الكثير من علماء ودعاة هذه الجماعات الإسلامية وصلاح الكثير من أتباعها إلا أن مواقفها السياسية لا يقررها هؤلاء المخلصون فحالهم كحال الشعوب التي صودرت إرادتها من أنظمة وظيفية ارتبطت بالمحتل الصليبي!
هذه حقيقة المعركة السياسية التي تواجهها باكستان وكل شعوب الأمة فحصونها لا زالت مخترقة من قبل هذه الجماعات الوظيفية حتى أصبحت هي العقبة الأخيرة أمام تحرر الأمة وشعوبها سياسيا وفكريا قبل تحرر أرضها من المحتل الصليبي!
الجمعة ١٤ رمضان ١٤٤٣هـ
١٥ / ٤ / ٢٠٢٢م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع على الويب أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: