منذ عين المحتل البريطاني اللورد كرومر مندوبا ساميا له في مصر والعالم العربي دخل ضمن الترتيبات الاستعمارية للقوى الصليبية ولم يتغير من الوجود الاستعماري في كل قطر عربي إلى اليوم إلا ألقابه الرسمية من المندوب السامي إلى السفير الدبلوماسي والذي يمارس نفس الدور في إدارة المحميات العربية ضمن المنظومة الاستعمارية لقوى النظام الغربي فإن عجز جاء المبعوث الدولي ليضمن إلتزام المؤسسات القطرية بثوابت النظام الدولي الغربي وهذا ما شاهدناه في بلدان الربيع العربي!
ولا يكاد يوجد مثل هذا الضبط والسيطرة إلا في العالم العربي لخصوصيته كونه قلب العالم الإسلامي ومركز التحدي الإسلامي الحضاري للقوى الغربية الصليبية والذي تحرص أشد الحرص على بقائه مقسما لدويلات وظيفية يديرها بالسفراء والقناصل بعدما كان يديرها بالمناديب الساميين والوكلاء السياسيين!
وهذا ما غفلت عنه ثورة الربيع العربي التي ظنت بأنها قادرة على تغيير النظام السياسي القائم باسم الديموقراطية وحقوق الإنسان التي يدعو لها المجتمع الدولي لتكتشف شعوب العالم العربي بأن المندوب السامي زمن الاستعمار المباشر لا زال موجودا بوجه دبلوماسي جديد يدير المشهد السياسي في كل بلد كما فعل السفير الأمريكي في سوريا روبرت فورد الذي عرض على المعارضة السورية تقاسم السلطة مع الأسد عام ٢٠١١ والسفيرة الأمريكية في مصر آن باترسون التي عرضت على أحزاب الجبهة الوطنية في ٣٠ يونيو مقاعد في الحكومة المصرية بعد الانقلاب العسكري عام ٢٠١٣!
وأخطر من ذلك كله هو أن هذا الواقع السياسي المحكوم أصبح له سدنته ودعاته من جماعات ونخب ترعرعت في ظل المنظومة السياسية والفكرية التي أنشأتها بريطانيا في المشرق العربي وفرنسا في المغرب العربي، وأصبحت الحدود بين هذه الدول الوظيفية تتجاوز أثرها السياسي إلى كونها حدود فكرية وإيمانية يوالى ويعادى من أجلها والذي عبر عن ذلك بكل وضوح رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د أحمد الريسوني في فتواه بإلتزامه بمجاهدة الشعب الصحراوي المسلم لو دعا الملك للجهاد والتعبئة ضدهم!
الأحد ٢٨ صفر ١٤٤٤هـ
٢٥ / ٩ / ٢٠٢٢هـ
اترك تعليقًا