منذ تأسيسه عام ٢٠٠٥م دعا حزب الأمة إلى نظام سياسي جديد وحكومة منتخبة للتعبير الحقيقي عن إرادة الشعب وحريته وأن هذا حل للأزمة السياسية التي تعيشها الكويت والتي تتصارع أطرافها فيما بينها وكل يحتج ويستند لدستور ١٩٦٢ والشعب هو من يدفع الثمن!
وما الكويت إلا نموذج لما يعيشه العالم العربي من أزمات سياسية عميقة وهيكلية في بنيان النظام العربي الذي لم يتأسس بإرادة الشعوب واختيارها بل تأسس بترتيب بريطاني في المشرق العربي وفرنسي في المغرب العربي وفقا لتفاهمات اتفاقية سايكس بيكو ١٩١٦ ومعاهدة فرساي ١٩١٩ ومقررات مؤتمر القاهرة ١٩٢٠، فهذه الحقائق التاريخية غابت عن ذاكرة الشعوب والنخب والجماعات وقبلوا الواقع السياسي المصنوع ومنحوه الشرعية باسم الدساتير التي صيغت في لندن وباريس وواشنطن!
وانكشف بجلاء خطر هذه الدساتير المستوردة على حرية الشعوب واستقلالها بعد حدثين تاريخيين مفصلين في أحداث المنطقة العربية وهما احتلال أمريكا للعراق عام ٢٠٠٣ وثورة الربيع العربي ٢٠١٠.
ففي العراق وضع الحاكم الأمريكي بريمر الدستور العراقي والذي جزء العراق طائفيا وسلم السلطة للأحزاب الطائفية وميليشياتها تحت إشراف المحتل الأمريكي إلى يومنا هذا باسم الحرية والديموقراطية!
وأما ثورة الربيع العربي فنموذج تونس يكشف تماما بأن دستور الثورة كما يسمونه لم يحم مكتسبات الثورة التي اخترقت باسم هذا الدستور الذي أشرف على إعداده مجلس أوربا باسم الحرية والديمقراطية أيضا!
ولهذا فإن الاستمرار بالتمسك بدستور لا يحمي الشعب ليس إلا سذاجة سياسية ثمنها الشعب نفسه!
فالدستور هو تعبير عن إرادة الشعب وقدرته على حماية حريته وحقوقه وليس العكس، فإذا فقد الشعب قدرته هذه فلا قيمة لهذا الدستور بل سيصبح شماعة للاستبداد باسم الحرية والديمقراطية كما ينص عليه هذا الدستور!
وأما خطر الدستور المستورد على مرجعية الشريعة وحاكميتها فقد تجلت في حاكمية الدستور ومرجعيته لكل النزاعات والخلافات السياسية وعدم قدرة الأمة وشعوبها على التحاكم إلى شريعتها التي حرمت كل صور الظلم والاستبداد بدعوى الالتزام بالدستور والنظام الديموقراطي الذي يستغله المحتل والمستبد في فرض إرادته على شعوب الأمة وإقصاء الشريعة عن الحكم وهو الشرط الذي فرضه اللورد كرزون وزير خارجية بريطانيا لإلغاء الخلافة الإسلامية العثمانية وإقامة أنظمة العلمانية!
الأربعاء ١٤ رمضان ١٤٤٤هـ
٥ أبريل ٢٠٢٣م
اترك تعليقًا