الثورة العربية وعودة الإسلام وقيادة العالم من جديد

الثورة العربية وعودة الإسلام…….قيادة العالم من جديد
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾

منذ انطلاق الكشوفات الجغرافية والحملات الاستعمارية الغربية على شعوب العالم وإخضاعها لمنظومته السياسية والإقتصادية، والتي أتمها بإسقاط الخلافة الإسلامية وسيطرته على العالم الإسلامي والعربي، بدأت تظهر الآثار المدمرة للمنظومة الاستعمارية على العالم مع صعود الشعبوية المتطرفة في أمريكا وأوربا والتي ترى أن المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لم تعد ملائمة لاستمرار السيطرة الغربية على العالم وإقتصاده وهو ما أوضحه ترامب بشعاره (لنعيد أمريكا القوية)، مما دفع بخافيير سولانا السياسي الإسباني العتيد بالدعوة لقيادة عالمية تنقذ العالم من أزماته السياسية والإقتصادية التي يعيشها اليوم وراهن على الصين في وألمانيا في أوربا العجوز لتشكيل هذه القيادة من جديد، https://goo.gl/T91kBx .

لم تعد القوى العظمى قادرة على قيادة العالم لا سياسيا ولا إقتصاديا لإفتقارها للبعد الإخلاقي والإنساني، فالقوى العظمى شكلت النظام العالمي بعد الحربين العالميتين وفق مفاهيم سياسية وإقتصادية وأخلاقية لا تعبر إلا عن مطامع القوى العظمى في إحكام سيطرتها على العالم وثرواته، ولذا تجد كبار الإقتصاديين اليوم يحذرون من فوضى سياسية وإقتصادية قادمة في ظل هيمنة غربية على المؤسسات الدولية (ولا تزال الجنسية لا الجدارة الدليل المهيمن لتعيين قادة هذه المؤسسات، حيث لا تزال المناصب العليا محفوظة لمواطنين أوروبيين وأميركيين، ويستند النظام الاقتصادي الدولي الحالي، الذي قادته الولايات المتحدة وحلفاؤها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، إلى مؤسسات متعددة الأطراف، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فقد كانت هذه المؤسسات مصممة لبلورة التزامات الدول الأعضاء، وجسدت مجموعة ما يُعرف باسم “إجماع واشنطن”) محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين في أليانز، والرئيس السابق لمجلس الرئيس أوباما للتنمية العالمية. https://goo.gl/FcGyGR 

سيبقى العالم يعاني من الأسس الأخلاقية المتوحشة التي أقامتها القوى العظمى الغربية للنظام العالمي، وفي الشرق لن تجدي محاولات الصين صاحبة الإقتصاد الثاني عالميا في الدفع باتجاه إصلاح المنظومة الدولية، لكونها أسيرة واقعها الإقتصادي نفسه واعتماده على النمو الإقتصادي للأسواق العالمية والذي يتراجع منذ أزمة 2008م، وأما سياسيا وأخلاقيا فالصين ليست مهيئة بالتأكيد لتكون نموذجا لتقود النظام العالمي، فبنظامها السياسي كحزب شيوعي واحد حاكم وبسياستها الخارجية التي لا تقيم لحقوق الإنسان ولا لطبيعة أنظمة الحكم التي تتعامل معها أي اعتبار فقدت الصفة الإخلاقية للقيادة العالمية، وهي بذلك تسير في نفس الخط الغربي الاستعماري الذي أدى بالعالم اليوم إلى أزمته السياسية والإقتصادية والأخلاقية, وأما ألمانيا سيدة القارة العجوز فتواجه صعود اليمين المتطرف في الانتخابات الأخيرة كثالث قوة سياسية في البرلمان الألماني مما جعل ألمانيا تعود من جديد أسيرة لتاريخها السياسي المتطرف والذي لا يؤهلها لقيادة أوربا فضلا عن العالم كما يأمل خافيير سولانا. “ديموقراطية ألمانيا في أصعب اختبار منذ عام 1949” http://alqabas.com/441358/ 

ولذلك فمنذ أن جعلت القوى العظمى الاستعمارية من نفسها وصية على الشعوب والأمم وفرضت نظام الإنتداب وجعلته جزءا من القانون الدولي لتمنح نفسها ما تحتاجه من بعد أخلاقي لإراحة ضميرها بوصايتها الاستعمارية بحجة بناء الأمم والشعوب، والعالم ينحدر نحو الفوضى والبؤس والتوحش خاصة مع صعود التيار الشعبوي في الغرب لتبرز الحقيقة الاستعمارية والعلو العرقي الأبيض مع إعلان الرئيس الأمريكي ترامب بأن أمريكا لم تعد تستخدم القوة العسكرية لإعادة بناء الأمم والترويج للديمقراطية https://goo.gl/2J6jkq ليكتشف العالم وهم النظام الدولي العنصري المتوحش الذي بناه الغرب.

ومع هذه الفوضى العالمية والانهيار الأخلاقي للنظام العالمي بدأت تظهر بوادر إحياء وبعث جديد في العالم العربي والإسلامي والذي غيب تماما بالهيمنة الغربية الاستعمارية عليه، وأخرجت العالم العربي والإسلامي من دائرة التأثير العالمية وأصبح تابعا للقوى الغربية الاستعمارية، وبغياب الأمة الإسلامية غاب التوازن الدولي والبعد الأخلاقي الذي حمله النظام الإسلامي الراشد للعالم لقرون.

إن ما يحدث في العالم العربي من ثورة تاريخية لهي أعمق بكثير مما يتصور أهلها أنفسهم على المستوى العالمي، لكن القوى العظمى تدرك منذ اليوم الأول لها بمدى خطورة ثورة الربيع العربي على المنظومة الدولية فاطلقت حملاتها العسكرية والثورة المضادة على الثورة لوأدها في مهدها لكن قطار الثورة قد انطلق وتجاوز مرحلة الوأد والإنهاء والاحتواء.

إن العالم سئم من النفاق الدولي والرأسمالية المتوحشة والإمبرالية الاستعمارية والديمقراطية المزيفة وأصبح يتطلع لقيادة جديدة تحمل روح الرشد والرحمة والعدل والمساواة وتحقق الحرية والرخاء للشعوب، وهنا يأتي دور الإسلام وخلافته الراشدة الحرة ونظامه الإقتصادي العادل الذي سيتيح للعالم وشعوبه فرصة تاريخية لإعادة التوازن الدولي السياسي والأخلاقي الذي أخلت به القوى العظمى الاستعمارية بإهدارها للحقوق الإنسانية ومصادرة الحريات واستعباد الشعوب، وحطمت النظام الإقتصادي العالمي بالربا ونهب الثروات والإحتكار ‏لتجري سنن الله في خلقه ﴿يمحق الله الربا﴾ ﴿لكي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم﴾ 

فالقيادة الإسلام للبشرية بالرحمة والعدل والمساواة والأخلاق هي ما اختص الله به هذه الأمة ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، وليست القوى الاستعمارية العظمى التي أغرقت العالم وشعوبه بالظلم والاستعباد والحروب ونهب الثروات بلا أخلاق أو أي إعتبار لأبسط المبادئ والحقوق الإنسانية حتى أصبح العالم يعيش في غابة من وحوش بشرية، وهذا هو الذي خسره العالم بإنحطاط المسلمين.

فالثورة العربية لمن نظر إليها بعمق فهي الطريق الذي فتحه الله للعالم أجمع نحو عصر السلام الإسلامي والرحمة الإنسانية، فهذه الثورة قدرها أن تحمل رسالة الإسلام للعالم أجمع والتي بعث من أجلها نبينا محمد ﷺ وأمته من بعده للبشرية جمعاء تحت الشعار الرباني‏ ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ .

الثلاثاء 5 صفر 1439هـ 25 / 10 / 2017م

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع على الويب أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: