ليبيا…عندما تضع الثورة السلاح!

﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ﴾

بهذا التوجيه الرباني كشف الله عز وجل خطورة غفلة أهل الحق والإيمانوهنا في عصرنا قوى الثورةعن القوة والسلاح لردع أعدائهم ومنعهم من العدوان وفيه أيضا ردع لأعداء خفيين لا تعلمهم قوى الثورة يتربصون بالثورة وأهلها وهذا ما حذر منه تعالى في سورة الأنفال﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾.

إن الثورة في ليبيا هي النموذج الوحيد من الثورة العربية الذي نجح في إسقاط النظام ومنظومته بالكامل ولهذا كان التآمر الدولي والحصار الإقليمي من الثورة المضادة من أشد ما تعرض له شعب من شعوب الربيع العربي.

منذ اليوم الأول لدخول حلف الناتو في الصراع في ليبيا حرصت أمريكا وأوربا على الدفع باتجاه عملية سياسية برعاية دولية وبمشاركة قوى سياسية وظيفية متماهية مع النظام الدولي وتحرص على العمل تحت ظله، ولهذا بادر النظام الدولي بتعيين مبعوث دولي لرعاية العملية السياسية في ليبيا ودعوة قوى الثورة إلى إلقاء السلاح والانخراط في العملية السياسية التي البست لباس الثورة لتقع قوى الثورة في المحذور بغفلتها عن السلاح فإذا القوى الاستعمارية وقوى الثورة المضادة تميل ميلة واحدة على قلب الثورة ومركزها في بنغازي لتحقق ما عجز عنه القذافي وجيشه.

وبالرغم من تداعي الأحداث الكبرى في ليبيا وهجرة قادة الثورة وعلمائها فلا يزال الشعب الليبي يملك من القدرات والإمكانات الكثير لإفشال المخطط الدولي لإخضاع ليبيا الثورة للمنظومة الاستعمارية والتي تحاول إيجاد نظام جديد موالي كنظام القذافي لكنها عاجزة إلى اليوم لنجاح الثورة الليبية في القضاء على منظومة القذافي ورجالها.

فالثورة في ليبيا بحاجة إلى قوى ثورية موحدة كحركة تحرير شاملة حول مشروع الثورة السياسي مرتبط بشعبه وأمته، فالثورة هي جزء من الثورة العربية ولهذا فسياسة المصابرة والمرابطة﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ هي السياسة الأنجح لمثل هذا الوضع المعقد ولا ينبغي لقوى الثورة القبول بالحلول السياسية النهائية قبل أن تتضح ملامح الثورة العربية والتي سيكون لها موجة ثانية تغير موازين القوى في العالم العربي لصالح الشعوب وثورتها.

فالقوى الدولية والثورة المضادة وصلت لأقصى اندفاعها ولم يعد أمامها خيارات إلا التراجع والدفع بالحلول السياسية برعاية دولية والتي من خلالها يتم ضرب الثورات وإنهائها قبل تحقيق هدفها النهائي في التحرر من الاحتلال الخارجي والاستبداد الداخلي.

إن تضحيات شعوب الأمة ودماء شهدائها التي بذلت للتحرر لن تذهب هدرا ولو اجتمع الأعداء وأهل النفاق فقد أذن الله عز وجل بالتغيير والتجديد والتمكين لهذه الأمة بعد 100 عام من سقوط الخلافة ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

الأربعاء 16 شعبان 1439هـ

2 / 5 / 2018م

أضف تعليق

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑