الريسوني…والمواجهة الفكرية لموجة الربيع العربي الثانية !
إن مسألة الخلافة والدولة في الإسلام محسومة نصا وعملا
لكن خطورة ما يطرح الريسوني رئيس ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اليوم في خطابه بأنه (لا نجد في شـرع الله تعالـى نصا صريحا آمرا وملزما بإقامة الدولة) يأتى في وقت تواجه الأمة فيه تداعيا أمميا وثورة مضادة على ثورتها ونهضتها من جديد ويسير على خطى خطاب سلفه علي عبدالرازق بأن (الخلافة ليست من الدين) الذي جاء في الوقت الذي أسقطت فيه الحملة الصليبية البريطانية الفرنسية الخلافة العثمانية الإسلامية!
فالريسوني بخطابه هذا يشرعن للدولة القطرية الوطنية التي كرست فرقة الأمة ومزقتها بحماية القوى الإستعمارية التي أسقطت الخلافة الإسلامية التي يرفضها الريسوني…
فخطورة ما قرره الريسوني في مقاله (مستقبل الإسلام بين الشعوب والحكام) والذي نشر في موقع ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ليس في أرائه الشرعية والتي سبقه إليها علي عبدالرازق والمستمدة من المدارس الاستشراقية وإنما في بُعده السياسي وتوقيته!
فقد نشر الريسوني مقاله ورأيه في وقت تواجه الدولة القطرية والوطنية والتي يشرعن لها الريسوني الموجة الثانية من الربيع العربي التي تفجرت في السودان والجزائر ودقت ناقوس الخطر عند المنظومة العربية ورعاتها من القوى الاستعمارية بعد أن كانوا يعتقدون أن الثورة قد انتهت! وأنه قد حان موعد تنفيذ صفقة القرن وإعلان النصر والهيمنة على العالم العربي والإسلامي بعد زيارة بابا الفاتيكان لجزيرة العرب ومهد الإسلام والتي بارك الريسوني نفسه وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها البابا وشيخ الأزهر في هذه الزيارة! https://tinyurl.com/y52e7vg6…
إن الدولة في الإسلام أصل وركن أساسي في إقامة الدين وأحكامه ووحدة الأمة وحمايتها وهذا ما كان يدعو إليه النبي ﷺ منذ العهد المكي على وفود العرب في مواسم الحج والتي أدركت قبائل العرب حقيقة دعوته هذه كوفد بني شيبان الذين اعتذروا من قبول طلب النبي ﷺ للنصرة وإقامة الدولة وقالوا (إِنَّمَا نَزَلْنَا عَلَى عَهْدٍ أَخَذَهُ عَلَيْنَا كِسْرَى أَنْ لَا نُحْدِثَ حَدَثًا وَلَا نُؤْوِيَ مُحْدِثًا، وَلَعَلَّ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي تَدْعُونَا إِلَيْهِ مِمَّا تَكْرَهُهُ الْمُلُوكُ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِمَّا يَلِي بِلَادَ الْعَرَبِ فَذَنْبُ صَاحِبِهِ مَغْفُورٌ، وَعُذْرُهُ مَقْبُولٌ، وَأَمَّا مَا كَانَ يَلِي بِلَادَ فَارِسَ فَذَنَبُ صَاحِبِهِ غَيْرُ مَغْفُورٍ، وَعُذْرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ نَنْصُرَكَ وَنَمْنَعَكَ مِمَّا يَلِي الْعَرَبَ فَعَلْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَسَأْتُمُ الرَّدَّ إِذْ أَفْصَحْتُمْ بِالصِّدْقِ، إِنَّهُ لَا يَقُومُ بِدِينِ اللهِ إِلَّا مَنْ حَاطَهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ»، فلم يقبل النبي ﷺ منهم طاعته ونصرته على إقامة دولة قطرية على حدود فارس تحميه من العرب لأن دعوته ﷺ أممية وعالمية لتحرير الإنسانية كلها من الطغيان البشري لا قطرية محدودة كالتي يشرعن لها الريسوني وقبله شيخه علي عبدالرازق!
سيف الهاجري
الأحد 10 رجب 1449هـ
17 / 3 / 2019م
اترك تعليقًا