الثورة والعسكر…لا يجتمعان!

الثورة والعسكر…لا يجتمعان!

يذكرنا الاتفاق في السودان الذي وقع برعاية أمريكية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بمشروع السفير الأمريكي في سوريا روبرت ستيفن فورد.

ففي أبريل من عام 2011م وبعد شهر من ثورة الشعب السوري وخروجه في مظاهرات سلمية سارع السفير الأمريكي في سوريا روبرت فورد إلى دعوة قوى المعارضة السورية كقوى إعلان دمشق وغيرها والتقى بها في دمشق وعرض على ممثلي هذه القوى مشروع اتفاق سياسي بين المعارضة والنظام السوري واشترط لعقد الاتفاق عدة شروط:

•المحافظة على المؤسسات العسكرية والأمنية.

•المشاركة في السلطة مع نظام الأسد.

•عدم مشاركة أية أحزاب أو قوى إسلامية في السلطة.

•المحافظة على الحدود المقررة في سايكس بيكو.

•المحافظة على الحدود مع إسرائيل.

وبالطبع لم ينجح مشروع فورد في سوريا لتجاوز الثورة نفسها كل الحلول السياسية الدولية المطروحة والتي حاولت القوى الدولية من خلالها قطع الطريق على الثورة واحتوائها من قبل المبعوث الدولي وقوى وجماعات وظيفية.

واتفاق السودان بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير والقاضي بتقاسم السلطة وعدم خضوع المؤسسات العسكرية والأمنية لم يخرج عن المحددات الدولية والإقليمية لأي حل سياسي يتم الاتفاق عليه في أي بلد عربي يواجه ثورة أو حراك شعبي.

فالمؤسسات العسكرية والأمنية هي الضامن الأساسي للنظام العربيالوظيفي الذي أقامته بريطانيا وفرنسا بعد سقوط الخلافة الإسلامية وورثت رعايته أمريكا وروسيا، ولذا تجد العسكر دائما في قلب المشهد السياسي العربي فهم وكلاء القوى الغربية المهيمنة على المنطقة العربية.

فمثل هذه الاتفاقات السياسية الموقعة برعاية أمريكية لن تحل الأزمة السياسية لا في السودان ولا في غيره من دول المنظومة العربية، فالأزمة أعمق من صورتها الظاهرة بأنها بين نظام مستبد وشعب ثائر.

فالعالم العربي لا يحكمه الاستبداد السياسي فقط بحيث يمكن لأي حل سياسي أن ينجح في إنهائه، فالمحتل الغربي لا يزال يحكم العالم العربي ولم يخرج منه لا بحرب تحرير ولا بثورة شعبية على مدار قرن كما هو معلوم من التاريخ المعاصر.

فالاستقلال الذي يعيشه العالم العربي ما هو إلا وهم وخداع، وانظر اليوم إلى الواقع السياسي العربي من المحيط إلى الخليج وإلى بلدان الثورة العراق ومصر وسوريا وليبيا واليمن والسودان والجزائر لتدرك حقيقة زيف هذا الاستقلال، وكيف أن قوى الاحتلال لا زالت فاعلة وموجود سواء بوجودها العسكري المباشر أو بحضورها السياسي الذي يدير المشهد من خلف الكواليس بأدواته الوظيفية من عسكر وجماعات وأحزاب وقوى وظيفية.

إن الثورة العربية ليست ثورة شعب هنا وهناك وإنما هي ثورة تعبر عن تطلع الأمة للتحرر من الاحتلال الغربي والتخلص من الاستبداد الوظيفي.

هذه هي حقيقة الثورة العربية ومشهدها السياسي والثوري والتي يتجنب مواجهتها كثير من المخلصين والصادقين ليصدق فيهم قول الله تعالى ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾.

سيف الهاجري

الخميس 15 ذو القعدة 1440هـ

18 / 7 / 2019م

#معركة_الوعي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: