الحركة الإسلامية…لم تحكم السودان!
(لم نعرف البشير إلا قبل الانقلاب بيوم واحد) بهذه الشهادة التي شهد بها الشيخ حسن الترابي في شهادته على العصرعلى قناة الجزيرة تنكشف حقيقة الانقلاب العسكري عام 1989م في السودان على الحكومة المنتخبة من الشعب السوداني.
فالجيش السوداني وبرعاية أمريكية هو المنفذ الحقيقي لانقلاب 1989م وجعل الحركة الإسلامية هي واجهة الانقلاب ودعمها لتكون قاعدة مدنية ذات توجه إسلامي للحكم العسكري الذي حكم السودان باسم الحركة الإسلامية بهذه الواجهة الإسلامية المدنية مع تبدل الشخصيات وأدوارها حسب المراحل السياسية التي عاشتها السودان خلال عهد الجنرال البشير.
فالحركة الإسلامية لم تكن يوما هي الحاكم للسودان بل كانت المؤسسة العسكرية والأمنية هي الحاكم الحقيقي منذ تأسيس الدولة السودانية وعهد البشير امتداد لهذا التاريخ.
لم يكن الجنرال البشير جزءا من الحركة الإسلامية ولا من أبنائها بل هو رجل المؤسسة العسكرية والتزم بالولاء لها حتى عندما عزل سلم عهدة الحكم للمجلس العسكري كونه هو الحاكم الفعلي لا الحركة الإسلامية، لذا فلا يستغرب هذا السقوط السريع لحكم الحركة الإسلامية فقد كان وهميا وواجهة سياسية لا أكثر.
وبعد عزل البشير بضغط من الثورة الشعبية سارع المجلس العسكري إلى إعادة إنتاج النظام بالوثيقة الدستورية والتي أعدت في لقاءات واشنطن وبرلين، وتم تصدير قوى الحرية والتغيير كواجهة مدنية سياسية جديدة للحكم العسكري خلفا للحركة الإسلامية التي انتهى دورها الوظيفي مع مرحلة الربيع العربي والثورة المضادة عليه.
فالمشهد السياسي المراد إعادة إنتاجه في السودان هو استمرار الحكم العسكري لكن بواجهة علمانية يسارية ليتوافق مع الترتيبات الدولية للعالم العربي بتصدير القوى العلمانية اليسارية والليبرالية والقومية لتكون واجهة سياسية للنظام العربي المراد إنتاجه من جديد لقطع الطريق على قوى الثورة الحقيقية.
سيدرك الشعب السوداني قريبا، إن لم يكن أدرك بعد، بإن حاله لم يتغير، إن لم يزدد سوءا، خاصة وأنه أصبح يواجه مشروعا علمانيا بواجهة يسارية شيوعية تهدد دينه وهويته ووحدته.
وهذا ما يوجب على القوى الإسلامية الحرة أن تكون طليعة ثورة الشعب السوداني ليكون حراكه الشعبي معبرا عن إرادة الشعب السوداني ودينه وهويته لا عن إرادة القوى الدولية المهيمنة وأدواتها الوظيفية في السودان من عسكر ومدنيين.
﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾
الأحد 17 جمادى الأولى 1441هـ
12 / 1 / 2020م
اترك تعليقًا