الربيع العربي…والدرع التركي!

الربيع العربي…والدرع التركي!

سيف الهاجري

الأمين العام لحزب الأمة – الكويت

‏﴿فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً﴾

تعيش الأمة هذه الأيام بعد سنوات من العسر والشدة والإبتلاء أيام فتح ونصر مع تقدم تركيا بجيشها المحمدي في سوريا لنصرة الشعب السوري الذي يواجه حملة عسكرية روسية إيرانية على ادلب لإنهاء ما بقي من الثورة السورية وأرضها المحررة ولتهجير الملايين من السوريين إلى تركيا لتفجير وضعها الداخلي وإسقاط رئيسها وحكومتها الحرة لإعادة تركيا إلى الهيمنة الغربية بعد أن تحررت منها بعد فشل انقلاب ٢٠١٦م.

لقد أدركت تركيا خطورة اللعبة الكبرى الجديدة التي أطلقت في سوريا بأدوات عربية وظيفية وتمويل خليجي برعاية أمريكية وأوربية سياسية وحملة روسية وإيرانية عسكرية.

ولذا سارعت تركيا بإطلاق عملية درع الربيع لقطع الطريق على هذه اللعبة الكبرى الجديدة والمكر الكبار، والتي تشبه في أهدافها وأدواتها اللعبة الكبرى القديمة بين القوى الاستعمارية في القرنين التاسع عشر والعشرين والتي تحالفت فيها بريطانيا وفرنسا وروسيا في الحرب العالمية الأولى وأسقطوا الخلافة العثمانية الإسلامية حامية الأمة وجامعتها، وقسموها بينهم باتفاقية (سايكس البريطاني وبيكو الفرنسي وسازانوف الروسي)، فوقعت الأمة وشعوبها لأول مرة تحت هيمنة الحملة الصليبية الأخيرة من أندونيسيا شرقا إلى المغرب غربا ومن تركيا شمالا إلى الصومال جنوبا.

هذا التاريخ لا زال حاضرا ومؤثرا في أحداث اليوم في ساحات الثورة وفي تركيا، وأخطرها ما نراه من استمرار الدور الوظيفي لورثة من اصطف مع بريطانيا وفرنسا قبل قرن ضد الخلافة العثمانية الإسلامية وأسقطوها باصطفافهم اليوم مع أمريكا وروسيا وأوربا لمواجهة الثورة العربية بثورة مضادة وحملات عسكرية، والتآمر على تركيا في الداخل والخارج، لكنهم اليوم يواجهون الأمة وهي ثائرة وصاعدة ومتجددة لا كما واجهوها قبل قرن.

من المهم أن ندرك أن تقدم تركيا وإرسالها لجيشها المحمدي هو من صلب جهاد هذه الأمة للهيمنة الغربية ومواجهتها للتداعي الأممي، فالعدو يدرك هذه الحقيقة ويواجه التقدم التركي كما يواجه الثورة العربية نفسها، فالعدو لا يفرق بينهما ويضعهما في خندق واحد يجب مواجهته والقضاء عليه.

وهذا بحد ذاته يوجب على القوى المجاهدة في كل الساحات أن تلتحم مع تركيا وجيشها المحمدي وأن لا تنخدع بما يدعيه ممن فيه قلوبهم مرض والمرجفون الذين يبثون الشبه في ثنايا كتاباتهم وخطبهم، بدعوى الواقعية السياسية والعقلانية والتريث، من أن تركيا هي جزء من الناتو ومهمتها هي حماية حدود الناتو الجنوبية وما جاء تقدمها في سوريا إلا وفق هذه الاستراتيجية، ويتغاضى هؤلاء عن أن الناتو نفسه هو الذي وقف وراء كل الانقلابات العسكرية لقطع الطريق على أي خطوة تحرر تقوم بها تركيا كما حصل مع عدنان مندريس ونجم الدين أربكان رحمها الله وأخيرا رجب طيب أردوغان حماه الله.

أو يرجف المرجفون منهم بالتهويل من قوة أمريكا وروسيا وأنه لا يمكن لتركيا مواجهتهما وكأنهم لم يروا هزيمة أمريكا في أفغانستان واعترافها بذلك والتوقيع على الانسحاب مع حركة طالبان (إمارة أفغانستان الإسلامية) في اليوم الذي دخل فيه الجيش المحمدي سوريا، ومن قبل أمريكا روسيا وريثة الإتحاد السوفيتي الذي انهزم وتفكك على يد مجاهدين الشعب الأفغاني، وألم يسمع هؤلاء المرجفون عمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية وهو يعترف بقوة تركيا وأنها قادرة على أن تقول لا لأمريكا وروسيا.

لندع هؤلاء الذين في قلوبهم مرض والمرجفون ليغرقوا في أوهامهم ومصالحهم، فالأمة وشعوبها بعد عقد من الثورة والتحرر أصبحت أكثر وعيا وحصانة من شبه هؤلاء ودعواتهم الباطلة.

فعملية درع الربيع التركية لنصرة الشعب السوري وحمايته من العدوان الروسي الصليبي والإيراني الطائفي والعربي الوظيفي ستكون فتحا عظيما ونصرا مبينا للأمة، وستفتح الطريق على مصراعيه أمام الثورة العربية لتحقيق أهدافها بالتحرر من الاحتلال والاستبداد معا، وهذا ما جعل الرعب يدب في أوصال النظام العربي الوظيفي وهو يرى عجز القوى الدولية في وقف التقدم التركي في سوريا وليبيا والذي سيكون له ما بعده.

فاليوم بعد درع الربيع تغيرت المعادلة في ساحات الثورة وفي تركيا نفسها وانكسر جدار سايكس بيكو الاستعماري بين العالم العربي وتركيا، وأصبحت الثورة العربية عمقا استراتيجيا لتركيا والتي أصبحت بدورها الدولة المركزية والظهير للثورة وللأمة وشعوبها ليعيد التاريخ نفسه من جديد بهذه الأحداث والتي هيئها الله عز وجل بلطفه ومنه على المستضعفين من أمة نبيه عليه الصلاة والسلام والذين يرتقبون عودة العرب والترك كقوة واحدة تدفع عنه العدوان الأممي والمجازر والتهجير والتي لم يسلم شعب من شعوب الأمة.

فعودة تركيا وتقدمها والعرب وثورتهم والتحامهم من جديد هو من التجديد الذي بشر به النبي عليه الصلاة والسلام والذي انتظرته الأمة منذ سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية قبل قرن…

فنسأل الله القوي العزيز أن يتم على الأمة وشعوبها الفتح والتمكين وأن يوحد كلمته وصفهم.

‏﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾

الأحد ٦ رجب ١٤٤١هـ

١ / ٣ / ٢٠٢٠م

رأي واحد حول “الربيع العربي…والدرع التركي!

اضافة لك

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

إنشاء موقع إلكتروني أو مدونة على ووردبريس.كوم قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: