وباء كورونا…والطغيان الجديد!
سيف الهاجري
الأمين العام لحزب الأمة-الكويت
(العالم بعد فيروس كورونا لن يكون كما قبله) الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
هذه العبارة هي أصدق وصف لما يواجهه العالم من وباء انتشر كانتشار النار في الهشيم محدثا ضربة كبرى للنظام الدولي الغربي الذي سيطر على الإقتصاد العالمي منذ انطلاق الكشوف الجغرافية والثورة الصناعية إلى يومنا هذا في ظل الثورة التكنولوجية المعاصرة.لقد جاء وباء كورونا كحدث قدري كشف مدى الهشاشة والانهيار الداخلي في النظام الدولي، والذي حرصت قواه الاستعمارية على إخفاء عجزها وتراجعها أمام شعوب العالم المستعبدة.لذا فنحن في العالم العربي والإسلامي، وخاصة بعد الموجة الأولى من ثورة الربيع العربي، أمام مرحلة جديدة تماما سنشهد فيها تراجع القوى الغربية أمريكا وأوربا وروسيا وانكفائها على نفسها سياسيا وإقتصاديا وهذا ما دفعها إلى إعادة ترتيب استراتيجيتها وتواجدها العسكري في العالم العربي.ولهذا وضمن ترتيبات القوى الغربية واستراتيجيتها في المنطقة قامت حكومات النظام العربي وخاصة في الخليج والجزيرة العربية بالاستنفار داخليا واتخذت إجراءات باسم مكافحة وباء كورونا كحظر التجول وإغلاق الحدود وفرض الطوارئ وإغلاق الحرمين والمسجد الأقصى وعامة المساجد وهي في حقيقتها إجراءات أمنية داخلية للضبط والسيطرة لتتفرغ القوى الكبرى لمواجهة الانهيار القادم للنظام الدولي وإقتصاده.فالقوى الكبرى أمريكا وأوربا وروسيا يهمها اليوم في ظل انشغالها الداخلي ضبط حكومات النظام العربي للمنطقة وضبط حركة شعوبها وعزل العالم العربي عن التواصل مع العالم الإسلامي وخاصة تركيا ريثما يتم تشكيل النظام الدولي من جديد لتعود قواه مرة أخرى للمنطقة لتحكمها وفق قواعد هذا النظام لمائة عام أخرى.ومع وضوح سياسات القوى الاستعمارية تجاه الأمة وشعوبها خاصة في ظل الثورة العربية والتحرر التركي إلا أن الآلة الإعلامية الجبارة وسدنة الأنظمة من علماء وجماعات وأحزاب وكتاب أعادت برمجة الرأي العام وأدخلته في هيستيريا الصحة العامة لحماية الشعوب من وباء الكورونا مع أن هذه الأنظمة أشد خطرا وفتكا بالشعوب من وباء كورونا، فهي التي ملأت السجون والمعتقلات وارتكبت المجازر والجرائم وشنت الحملات العسكرية وقتلت الملايين وهجرتهم عندما ثارت الشعوب طلبا للحرية.فالنظام العربي استغل الوباء لإعادة إنتاج نفسه بإعادة ترميم علاقاته وتفاهماته مع الجماعات والأحزاب بعلمائها وكتابها، وهذا ما يفسر اصطفافهم مع الأنظمة تحت شعار مكافحة الوباء وحماية الشعوب منه وهم ممن كان يحسب على ثورة الربيع العربي وركبوا موجتها الأولى، لتنكشف حقيقة أدوارهم الوظيفية في حصون الثورة.إن وباء كورونا من الأحداث القدرية الكبرى التي قدرها الله عز وجل بعد قرن من سقوط الأمة وخلافتها في الأرض، فجاء هذا الوباء بقدر رباني ليمييز الصفوف ولتجدد الأمة إيمانها بسنن الله عز وجل القدرية والشرعية، والذي هو الطريق الحقيقي للنصر والتمكين.
﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾
الثلاثاء ٧ شعبان ١٤٤١هـ
٣١ / ٣ / ٢٠٢٠م
اترك تعليقًا